للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠٨٢٣ - عن عبد الله بن عباس -من طريق العَوْفِي- قال: ضرب الله مثلًا حسنًا -وكلُّ أمثاله حسنٌ-، قال: {أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب}، {له فيها من كل الثمرات}. يقول: صنَعه في شبيبتِه، فأصابه الكِبَرُ، وولدُه وذريتُه ضعفاء عندَ آخرِ عمرِه، فجاءه إعصار فيه نار فاحترق بستانُه، فلم يكن عنده قوةٌ أن يغرس مثلَه، ولم يكن عندَ نسْلِه خيرٌ يعودون به عليه، فكذلك الكافر يوم القيامة، إذا رُدَّ إلى الله ليس له خير فيُسْتَعْتَبَ (١)، كما ليسَ لهذا قوَّةٌ فيغرِس مثلَ بستانِه، ولا يَجِدُه قدَّم لنفسه خيرًا يعود عليه، كما لم يُغْنِ عن هذا ولدُه، وحُرِم أجرَه عند أفقرِ ما كان إليه، كما حُرِم هذا جنتَه عند أفقر ما كان إليها عند كبره وضعف ذريته. وهو مثل ضربه الله للمؤمن والكافر فيما أُوتَيا في الدنيا، كيف نجى المؤمن في الآخرة، وذخر له من الكرامة والنعيم، وخزن عنه المال في الدنيا، وبسط للكافر في الدنيا من المال ما هو منقطع، وخزن له من الشر ما ليس بمفارقه أبدًا، ويخلد فيها مُهانًا، من أجل أنه فخر على صاحبه، ووثق بما عنده، ولم يستيقن أنه مُلاقٍ ربه (٢). (٣/ ٢٤٩)

١٠٨٢٤ - عن عبد الله بن عباس -من طريق ابن جُرَيْج- في الآية، قال: ضُرِبتْ مثلًا للعمل، يَبْدأُ فيَعْمَلُ عملًا صالحًا، فيكونُ مثلًا للجنة، ثم يُسيءُ في آخر عمره، فيتمادى في الإساءة حتى يموت على ذلك، فيكون الإعصارُ الذي فيه نارٌ التي أحرقت الجنة مثلًا لإساءته التي مات وهو عليها. قال ابن عباس: الجنة عَيْشه وعيش ولده فاحترقت، فلم يستطع أن يدفع عن جنته من أجل كِبَره، ولم يستطع ذريته أن يدفعوا عن جنتهم من أجل صِغَرهم، حتى احترقت. يقول: هذا مثله تلقاه وهو أفقر ما كان إلي، فلا يجد له عندي شيئًا، ولا يستطيع أن يدفع عن نفسه من عذاب الله شيئًا، ولا يستطيع من كِبَره وصِغَر أولاده أن يعملوا جنة، كذلك لا توبة إذا انقطع العمل حين مات (٣). (٣/ ٢٥٠)

١٠٨٢٥ - عن عُبَيْد بن عُمَيْر، نحوه (٤). (ز)

١٠٨٢٦ - عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- في الآية، قال: هذا مَثَلُ المُفَرِّطِ في طاعة الله حتى يموت، مَثَلُه بعد موته كمثل هذا حين احترقت جَنَّتُه، وهو كبيرٌ لا يُغني عنها، وولدُه صِغارٌ لا يُغْنون عنه شيئًا، كذلك المُفَرِّطُ بعد الموت، كلُّ


(١) استعتب: أعطى العتبى، وطلب العتبى، ضِدٌّ. والعُتبى: الرضا. القاموس المحيط (عتب).
(٢) أخرجه ابن جرير ٤/ ٦٨٦ - ٦٨٧، وابن أبي حاتم ٢/ ٥٢٣ - ٥٢٥.
(٣) أخرجه ابن جرير ٤/ ٦٨٤ - ٦٨٥.
(٤) تفسير الثعلبي ٢/ ٢٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>