وقد رجَّح ابن جرير (٥/ ٧٨) الوجوب، استنادًا إلى أن أمر الله فرض لازم، ولا دليلَ يصرفُه إلى الإرشاد والندب، ثم ردَّ دعوى نسخ الأمر بالكتابة فقال: «ولا وجه لاعتلال من اعتلَّ بأن الأمر بذلك منسوخ بقوله: {فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته}؛ لأن ذلك إنما أذن الله -تعالى ذكره- به حيث لا سبيل إلى الكتاب أو إلى الكاتب، فأما والكتاب والكاتب موجودان، فالفرض -إذا كان الدَّيْن إلى أجل مسمى- ما أمر الله -تعالى ذكره- به في قوله: {فاكتبوه} الآية، وإنما يكون الناسخ ما لم يَجُزِ اجتماع حكمه وحكم المنسوخ في حال واحدة، فأما ما كان أحدهما غير ناف حكم الآخر، فليس من الناسخ والمنسوخ في شيء». ولم يحك ابن عطية (٢/ ١١٣) اختلاف المفسرين في ذلك، لكنه رجَّح أن الأمر للندب فقال: «وأما إذا عدم الكاتب فيتوجه وجوب الندب حينئذ على الحاضر، وأما الكتب في الجملة فندب، كقوله تعالى: {وافعلوا الخير} [الحج: ٧٧]، وهو من باب عون الضائع».