ورَجَّح ابنُ جرير (٥/ ١٨٣ - ١٨٤) القولَ الأول الذي قاله ابنُ الزبير وابنُ إسحاق مُسْتَنِدًا إلى دلالة القرآن، والسياق؛ لتقدّم ذِكْرِ القرآن في قوله: {نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا}، ولا شكَّ أنّ ذلك الكتاب هو القرآن لا غيره، فلا وجه لتكريره مرّة أخرى؛ إذ لا فائدة في تكريره، ولأنّ الله عَقَّب قولَه: {وأنزل الفرقان} بقوله: {إن الذين كفروا بآيات الله}، وهذا وعيدٌ صريحٌ لِمَن جَحَدَ الفَصْلَ الذي أنزله الله فرقانًا بين الحق والباطل وعانده. وكذا رجَّح ابنُ كثير (٣/ ٦) هذا القول. ووجَّه ابنُ عطية (٢/ ١٥٤) تفسيرَ الفرقان بالقرآن لكونه يُفَرِّق بين الحق والباطل، ثُمَّ جَمَع بين القولين، فقال: «والفرقانُ يَعُمُّ هذا كلَّه». وذكر أنّ بعض المفسرين قال بأنّ الفرقان هنا كل أمر فرق بين الحق والباطل، فيما قدم وحدث، وعلَّق عليه، بقوله: «فيدخل في هذا التأويل طوفان نوح، وفرق البحر لغرق فرعون، ويوم بدر، وسائر أفعال الله تعالى المفرقة بين الحق والباطل، فكأنه تعالى ذكر الكتاب العزيز، ثم التوراة والإنجيل، ثم كل أفعاله ومخلوقاته التي فرقت بين الحق والباطل، كما فعلت هذه الكتب، ثم توعد تعالى الكفار عمومًا بالعذاب الشديد، وذلك يعم عذاب الدنيا بالسيف والغلبة، وعذاب الآخرة بالنار». ثم بيَّن أنّ الإشارة بهذا الوعيد إلى نصارى نجران، وذكر أنّ النقّاش قال بأنّه إلى اليهود؛ كعب بن الأشرف، وكعب بن أسد، وبني أخطب وغيرهم.