للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١١٩٧٦ - عن قتادة بن دِعامة، في قوله: {فأما الذين في قلوبهم زيغ} الآية، قال: طلبَ القومُ التأويلَ، فأخطأوا التأويل، وأصابوا الفتنة، واتَّبعوا ما تشابه منه؛ فهلكوا بين ذلك (١). (٣/ ٤٦٥ - ٤٦٦)

١١٩٧٧ - عن مَعْمَر، قال: كان قتادةُ إذا قرأ هذه الآية: {فأما الذين في قلوبهم زيغ} قال: إن لم يكونوا الحَرُورِيَّةَ (٢) والسَّبائِيَّة (٣) فلا أدري مَن هم؟! ولَعَمْرِي، لَقد كان في أهل بدر والحديبية الذين شهدوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيعةَ الرضوان من المهاجرين والأنصار خَبَرٌ لِمَنِ اسْتَخْبَر، وعِبْرَةٌ لِمَنِ اسْتَعْبَر، لِمَن كان يعقل أو يُبْصر. إنّ الخوارج خرجوا وأصحابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ كثير بالمدينة والشام والعراق، وأزواجُه يومئذٍ أحياء، واللهِ، إنْ خرج منهم ذكرٌ ولا أنثى حَرُورِيًّا قط، ولا رضُوا الذي هم عليه، ولا مالَؤُوهم فيه، بل كانوا يُحَدِّثون بعَيْبِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إيّاهم، ونعتِه الذي نعتهم به، وكانوا يُبْغِضونهم بقلوبهم، ويعادونهم بألسنتهم، وتَشْتَدُّ -واللهِ- عليهم أيديهم إذا لَقوهم. ولعَمْرِي، لو كان أمرُ الخوارج هُدًى لاجتمع، ولكنَّه كان ضلالًا فتَفَرَّق، وكذلك الأمرُ إذا كان مِن عند غير الله وجدت فيه اختلافًا كثيرًا، فقد ألاصُوا (٤) هذا الأمرَ مُنذُ زمان طويل، فهل أفلحوا فيه يومًا أو أنجحوا؟ يا سبحان الله! كيف لا يعتبر آخِرُ هؤلاء القوم بأوَّلِهم؟! لو كانوا على هُدًى قد أظهره الله وأَفْلَجَه ونصره، ولكنهم كانوا على باطلٍ أكذبه الله وأَدْحَضَه، فهم كما رأيتَهم؛ كُلَّما خرج لهم قَرْنٌ أدْحَضَ اللهُ حُجَّتهم، وأَكْذَب أُحْدُوثَتَهُم، وأَهْرَقَ دِماءَهم، وإن كتموا كان قَرْحًا في قلوبهم، وغمًّا عليهم، وإن أظهروه أهْراقَ اللهُ دِماءَهم، ذاكم -واللهِ- دينُ سُوءٍ؛ فاجْتَنِبُوه. واللهِ، إنّ اليهودية لَبِدْعَة، وإنّ النصرانية لَبِدْعَة، وإنّ الحَرُورِيَّة لَبِدْعَة، وإنّ السَّبائِيَّة لَبِدْعَة، ما نزل بِهِنَّ كتابٌ، ولا سَنَّهُنَّ نبيٌّ (٥). (ز)


(١) عزاه السيوطي إلى عَبد بن حُمَيد.
(٢) الحرورية: هم فرقة الخوارج، وسمُّوا بهذا الاسم لأنهم بعد خروجهم على عليٍّ? ورفضهم التحكيم، نزلوا بموضع قرب الكوفة يقال له: حروراء. ينظر: مقالات الإسلاميّين ١/ ٢٠٧، ومعجم البلدان ٢/ ٣٣٦.
(٣) السبائية: إحدى فرق الشيعة الغالية، وهي تنتسب إلى عبد الله بن سبأ، ومن جهالاتهم زعمهم أنّ عليًا لم يمت وأنه يرجع إلى الدنيا قبل يوم القيامة فيملأُ الأرض عدلًا كما ملئت جورًا. ينظر: مقالات الإسلاميين ١/ ٨٦، والملل والنحل ١/ ٣٦٥.
(٤) ألاص الأمر: حرّكه وأداره لينتزعه. لسان العرب (لوص).
(٥) أخرجه عبد الرزاق ١/ ١١٥ - ١١٦، وابن جرير ٥/ ٢٠٧ - ٢٠٨ واللفظ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>