وقدَّم ابنُ جرير (٥/ ٢١١ - ٢١٢) القولين الأولين، فقال: «والذي يَدُلُّ عليه ظاهرُ هذه الآية أنّها نزلت في الذين جادلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمتشابه ما أُنزِل إليه مِن كتاب الله؛ إمّا في أمر عيسى، وإمّا في مدة أُكله وأُكل أمته». ثُمَّ رَجَّح القولَ الثاني منهما مستندًا إلى ظاهر الآية، فقال: «وهو بأن تكون في الذين جادلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمتشابهه في مدته ومده أمته أشبهُ؛ لأنّ قوله: {وما يعلم تأويله إلا الله} دالٌّ على أنّ ذلك إخبارٌ عن المُدَّة التي أرادوا عِلْمَها من قِبَل المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله، فأمّا أمر عيسى وأسبابُه فقد أعلم اللهُ ذلك نبيَّه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - وأُمَّتَه وبَيَّنَه لهم، فمعلومٌ أنّه لم يَعْنِ إلا ما كان خَفِيًّا عن الآحاد». ثُمَّ أفاد (٥/ ٢١٤ بتصرف) انسحابَ الآيةِ بعد ذلك على كُلِّ مبتدع، فقال: «وهذه الآيةُ وإن كانت نزلت فيمَن ذكرنا أنّها نزلت فيه من أهل الشرك؛ فإنّه مَعْنِيٌّ بها كُلُّ مُبْتَدِعٍ في دين الله بِدْعَةً، فمال قلبُه إليها، تأويلًا منه لبعض متشابه آي القرآن، ثم حاجَّ به وجادلَ به أهل الحق، وعدل عن الواضح مِن أدلة آيِه المحكمات؛ إرادةً منه بذلك اللبس على أهل الحقِّ، وطلبًا لعلم تأويل ما تشابه عليه من ذلك كائنًا مَن كان». ورَجَّح ابنُ عطية (٢/ ١٦٠) عمومَ المعنى.