للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١١٩٨٧ - عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- {فيتّبعون ما تشابه منه}، قال: فيحمِلُون المُحْكمَ على المتشابه، والمتشابِهَ على المُحْكَم، ويُلَبِّسُون؛ فلبَّس الله عليهم (١). (ز)

١١٩٨٨ - عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- في قوله -جلَّ وعَزَّ-: {فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتّبعون ما تشابه منه}، وقوله: {وتقطّعوا أمرهم بينهم} [الأنبياء: ٩٣]، وقوله - عز وجل -: {إذا سمعتم آيات الله يكفر بها} [النساء: ١٤٠]، وقوله: {ولا تتبعوا السبل} [الأنعام: ١٥٣]، وقوله: {أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه} [الشورى: ١٣]، ونحو هذا في القرآن، قال: أمر الله المؤمنين بالجماعة، ونهاهم عن الاختلاف والفرقة في القرآن، وأخبرهم: إنّما هلك مَن كان قبلكم بالمِراء والخصومات في دين الله (٢). (ز)

١١٩٨٩ - عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن جُرَيْج- في قوله: {فيتبعون ما تشابه منه}، قال: الباب الذي ضلّوا منه، وهلكوا فيه ابتغاءَ تأويله (٣). (٣/ ٤٥٣)

١١٩٩٠ - عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- في قوله: {فيتّبعون ما تشابه منه}، قال: يتّبعون المنسوخ والناسخ، فيقولون: ما بالُ هذه الآية عُمِل بها كذا وكذا مكان هذه الآية، فتُرِكت الأولى وعُمِل بهذه الأخرى؟ هلّا كان العملُ بهذه الآية قبل أن تجيء الأولى التي نُسخت! وما بالُه يَعِدُ العذابَ مَن عمِل عمَلًا يُعَذِّبُه بالنار، وفي مكان آخر مَن عمِله فإنّه لم يُوجِب له النار؟ (٤). (ز)

١١٩٩١ - عن محمد بن جعفر بن الزبير -من طريق ابن إسحاق- {فيتّبعون ما تشابه منه}: أي: ما تَحَرَّفَ منه وتَصَرَّف، ليُصَدِّقُوا به ما ابْتَدَعُوا وأَحْدَثُوا، لِيَكُونَ لَهُم حُجَّةً على ما قالوا وشُبْهَةً (٥). (ز)

١١٩٩٢ - عن محمد بن إسحاق -من طريق زياد-، مثله (٦) [١١١١]. (ز)


[١١١١] اختلف المفسرون فيمَن عُني بهذه الآية؛ فقال قومٌ: عُنِي به الوفد من نصارى نجران الذين خاصموا الرسول - صلى الله عليه وسلم - في أمر عيسى. وذهب آخرون إلى نزولها في أبي ياسر بن أخطب، وأخيه، والنفر الذين ناظروا الرسول - صلى الله عليه وسلم - في قدر مدة أُكله وأُكل أمته (أي: أجله في الدنيا)، وأرادوا عِلْمَ ذلك مِن قِبَل الحروف المقطعة. وقال آخرون: بل عنى اللهُ - عز وجل - بذلك كُلَّ مُبْتَدِعٍ في دينه.
وقدَّم ابنُ جرير (٥/ ٢١١ - ٢١٢) القولين الأولين، فقال: «والذي يَدُلُّ عليه ظاهرُ هذه الآية أنّها نزلت في الذين جادلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمتشابه ما أُنزِل إليه مِن كتاب الله؛ إمّا في أمر عيسى، وإمّا في مدة أُكله وأُكل أمته».
ثُمَّ رَجَّح القولَ الثاني منهما مستندًا إلى ظاهر الآية، فقال: «وهو بأن تكون في الذين جادلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمتشابهه في مدته ومده أمته أشبهُ؛ لأنّ قوله: {وما يعلم تأويله إلا الله} دالٌّ على أنّ ذلك إخبارٌ عن المُدَّة التي أرادوا عِلْمَها من قِبَل المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله، فأمّا أمر عيسى وأسبابُه فقد أعلم اللهُ ذلك نبيَّه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - وأُمَّتَه وبَيَّنَه لهم، فمعلومٌ أنّه لم يَعْنِ إلا ما كان خَفِيًّا عن الآحاد».
ثُمَّ أفاد (٥/ ٢١٤ بتصرف) انسحابَ الآيةِ بعد ذلك على كُلِّ مبتدع، فقال: «وهذه الآيةُ وإن كانت نزلت فيمَن ذكرنا أنّها نزلت فيه من أهل الشرك؛ فإنّه مَعْنِيٌّ بها كُلُّ مُبْتَدِعٍ في دين الله بِدْعَةً، فمال قلبُه إليها، تأويلًا منه لبعض متشابه آي القرآن، ثم حاجَّ به وجادلَ به أهل الحق، وعدل عن الواضح مِن أدلة آيِه المحكمات؛ إرادةً منه بذلك اللبس على أهل الحقِّ، وطلبًا لعلم تأويل ما تشابه عليه من ذلك كائنًا مَن كان».
ورَجَّح ابنُ عطية (٢/ ١٦٠) عمومَ المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>