للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لشرفهما، فرفعوا أمرَهما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورَجَوا أن يكون عنده رخصةٌ، فحكم عليهما بالرَّجم، فقال له النُّعمان بنُ أوْفى وبَحْرِيُّ بن عمرو: لقد جُرْت علينا يا محمد؛ ليس عليهما الرَّجْمُ. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بيني وبينكم التوراةُ؛ فإن فيها الرجم». قالوا: قد أنصَفْتَنا. قال: «فمَن أعلمُكم بالتوراة؟». قالوا: رجلٌ أعورُ يَسْكُنُ فَدَك، يُقال له: ابن صُورِيا. فأرسلوا إليه، فقدم المدينة، وكان جبريلُ قد وصفه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أنت ابن صُورِيا؟». قال: نعم. قال: «أنت أعلمُ اليهود بالتوراة؟». قال: كذلك يزعمون. قال: فدعا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بشيء من التوراة فيها الرَّجْمُ مكتوبٌ، فقال له: «اقرأ». فلَمّا أتى على آيةِ الرَّجْمِ وضَع كفَّه عليها، وقرأ ما بعدها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال عبد الله بن سلام: يا رسول الله، قد جاوزها ووضع كفه عليها. فقام، فرفع كفَّه عنها، ثُمَّ قرأ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى اليهود: بأنّ المُحْصَن والمُحْصَنَة إذا زَنَيا وقامَتْ عليهما البَيِّنَةُ رُجِما، وإن كانتِ المرأةُ حُبْلى تُرُبِّص بها حَتّى تَضَعَ ما في بطنِها. فأمرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - باليَهُودِيَّيْنِ فرُجِما، فغَضِب اليهودُ لذلك، وانصرفوا؛ فأنزل الله - عز وجل -: {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولّى فريق منهم وهم معرضون} (١). (ز)

١٢٣٧٧ - قال مقاتل بن سليمان: {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب} ... يعني: اليهود؛ كعب بن الأشرف، وكعب بن أسيد، ومالك بن الضَّيْف، ويحيى بن عمرو، ونعمان بن أوْفى، وأبو ياسر بن أخْطَب، وأبو نافع بن قيس. وذلك أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لهم: «أسْلِمُوا تَهْتَدُوا، ولا تكفروا». فقالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: نحنُ أهدى وأحقُّ بالهُدى منكم، ما أرسل اللهُ نبيًّا بعد موسى. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لِمَ تُكَذِّبُون وأنتم تعلمون أنّ الذي أقولُ حَقٌّ؟! فأخْرِجوا التوراةَ نَتَّبِعْ نحنُ وأنتم ما فيها، وهى بينكم، فإني مكتوبٌ فيها أني نبيٌّ ورسولٌ». فأبَوْا ذلك؛ فأنزل الله - عز وجل - فيهم: {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله} يعني: التوراة؛ {ليحكم بينهم} يعني: لِيَقْضِي بينهم (٢) [١١٤٧]. (ز)


[١١٤٧] ذكر ابنُ جرير (٥/ ٢٩٥ - ٢٩٦) أنّ ما ورد في نزول الآية وتفسيرها مِن السبب الذي نازعوا فيه، ولأجله دُعُوا إلى حكم التوراة فيه؛ فإنّ الآية تُحمَل على ذلك كله، «ولا دلالة في الآية على أيِّ ذلك كان مِن أيٍّ فيجوز أن يُقال: هو هذا دون هذا، ولا حاجة بنا إلى معرفة ذلك؛ لأنّ المعنى الذي دُعوا إليه هو مِمّا كان فرضًا عليهم الإجابة إليه في دينهم، فامتنعوا منه».

<<  <  ج: ص:  >  >>