للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الناس والدَّوابُّ والطيرُ، خلقهم مِن نطفة وهي ميِّتةٌ، وخلق الطيرَ مِن البيضة وهي ميِّتَةٌ، {وتخرج الميت من الحي} يعنى: يخرج الله - عز وجل - هذه النطفة مِن الحيِّ، وهم الناسُ والدوابُّ والطيرُ (١). (ز)

١٢٤٧٢ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {تخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي} قال: النُّطفة ميِّتةٌ، فتخرج منها أحياء، {وتخرج الميت من الحي} تُخْرِجُ النطفَ من هؤلاء الأحياء، والحبُّ ميِّتٌ تُخْرِج مِنه حيًّا، {وتخرج الميت من الحي} تخرج مِن هذا الحبِّ الحيِّ حبًّا ميِّتًا (٢) [١١٥٢]. (ز)


[١١٥٢] اختُلِف في معنى: {وتُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وتُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ} في هذه الآية على أقوال: الأول: أنه يُخرج الشيء الحيّ من النطفة الميتة، ويُخرج النطفة الميتة من الشيء الحيّ. الثاني: أنه يُخرج البيضَ من الدجاج، والدجاجَ من البيض. الثالث: أنه يُخرج النخلةَ من النواة، والنواة من النخلة، والسنبل من الحَبِّ، والحَبَّ من السنبل. الرابع: أنه يُخرج المؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن.
ووجَّه ابنُ عطية (٢/ ١٩٠) القول الأول بقوله: «ولفظ الإخراج في تنقّل النطفة حتى تكون رجلًا إنما هو عبارة عن تغيّر الحال، كما تقول في صبيّ جيّد البُنْيَة: يَخرج مِن هذا رجلٌ قويّ». ووجَّه (٢/ ١٨٩) القول الثاني بقوله: «ولفظ الإخراج في هذا المثال وما ناسبه لفظٌ مُتَمَكِّنٌ على عُرْف استعماله». ووجَّه القول الثالث بقوله: «والحياة في النخلة والسنبلة تشبيه». ووجَّه القول الرابع بقوله: «فالمراد على هذا القول: موت قلب الكافر، وحياة قلب المؤمن».ورجَّح ابنُ جرير (٥/ ٣١٢) مستندًا إلى دلالة العقل، والنظائر القولَ الأول، وهو قول ابن مسعود، ومجاهد من طريق ابن جريج، وقول السدي من طريق أسباط، وما في معناه، وعلَّل ذلك بـ «أن كلّ حيٍّ فارقه شيءٌ مِن جسده، فذلك الذي فارقه منه ميتٌ، فالنطفة ميتةٌ لمفارقتها جسد مَن خَرَجَتْ منه، ثم يُنشِئُ الله منها إنسانًا حيًّا وبهائم وأنعامًا أحياء، وكذلك حكم كلّ شيءٍ حيّ زايله شيءٌ منه، فالذي زايله منه ميتٌ. وذلك هو نظير قوله: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وكُنْتُمْ أمْواتًا فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة: ٢٨]».
وانتَقَدَ القول الثاني والثالث والرابع مستندًا إلى دلالة الأغلب لغة، وهو قول عكرمة، والحسن، وسلمان، وعبيد الله بن عبد الله من طريق الزهري، بأن «ذلك وإن كان له وجهٌ مفهوم، فليس ذلك الأغلب الظاهر في استعمال الناس في الكلام. وتوجيه معاني كتاب الله - عز وجل - إلى الظاهر المستَعمَل في الناس أوْلى مِن توجيهها إلى الخفيّ القليل في الاستعمال».

<<  <  ج: ص:  >  >>