للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٣١٦٩ - عن سلمة بن عبد يشوع، عن أبيه، عن جده: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى أهل نجران قبل أن ينزل عليه «طس سليمان»: «باسم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، مِن محمد رسول الله إلى أُسْقُفِّ (١) نجران وأهلِ نجران، إن أسلمتُم فإنِّي أحمدُ إليكم الله إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب. أمّا بعد: فإنِّي أدعوكم إلى عبادة الله مِن عبادة العباد، وأدعوكم إلى ولاية الله من ولاية العباد، فإن أبيتم فالجزية، وإن أبيتم فقد آذَنتُكم بحربٍ. والسلام». فلمّا قرأ الأُسْقُفُّ الكتابَ فَظِعَ به، وذُعِر ذُعْرًا شديدًا، فبعث إلى رجل مِن أهل نجران يُقال له: شُرَحْبِيلُ بنُ وداعة. فدفع إليه كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقرأه، فقال له الأُسْقُفُّ: ما رأيك؟. فقال شُرَحْبِيل: قد علمت ما وعد الله إبراهيم في ذرية إسماعيل من النبوة، فما يُؤمَنُ أن يكون هذا الرجل؟ ليس لي في النُّبُوَّة رأيٌ، لو كان أمرٌ مِن أمر الدنيا أشَرْتُ عليك فيه، وجهِدتُ لك. فبَعَثَ الأُسْقُفُّ إلى واحد بعد واحد من أهل نجران، فكلهم قال مثل قول شُرَحْبِيل، فاجتمع رأيُهم على أن يبعثوا شُرَحْبِيل بن وداعة وعبد الله بن شُرَحْبِيل وجَبّار بن فَيْض، فيأتونهم بخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فانطلق الوفد حتى أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسألهم وسألوه، فلم تزل به وبهم المسألة حتى قالوا له: ما تقول في عيسى ابن مريم؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما عندي فيه شيء يومي هذا، فأقيموا حتى أخبركم بما يُقال لي في عيسى صُبْحَ الغَدِ». فأنزل الله هذه الآية: {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب} إلى قوله: {فنجعل لعنة الله على الكاذبين}، فأَبَوْا أن يُقِرُّوا بذلك، فلمّا أصبح رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الغدَ بعد ما أخبرهم الخبرَ أقبل مُشْتَمِلًا على الحسن والحسين في خَمِيلَة له، وفاطمة تمشي عند ظهره للمُلاعَنَة، وله يومئذ عِدَّةُ نسوة، فقال شُرَحْبِيل لصاحبه: إنِّي أرى أمرًا مُقْبِلًا، إن كان هذا الرجل نبيًّا مرسلًا فلاعَنّاه لا يبقى على وجه الأرض مِنّا شَعَر ولا ظفر إلا هَلَك. فقالا له: ما رأيك؟ فقال: رأيي أن أُحَكِّمَه؛ فإنِّي أرى رجلًا لا يحكم شَطَطًا أبدًا. فقالا له: أنت وذاك. فتَلَقّى شُرَحْبِيل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إنِّي قد رأيتُ خيرًا مِن ملاعنتك. قال: «وما هو؟». قال: حكمُك اليوم إلى الليل، وليلتك إلى الصباح، فمهما حكمت فينا فهو جائز. فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يُلاعنْهم، وصالحَهم على الجزية (٢). (٣/ ٦٠٥ - ٦٠٦).


(١) الأُسْقُفّ: رئيس النصارى في الدين، أعجمي تكلمت به العرب. لسان العرب (سقف).
(٢) أخرجه البيهقي في الدلائل ٥/ ٣٨٥ - ٣٨٩، من طريق أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بكير، عن سلمة بن عبد يسوع، عن أبيه، عن جده.
إسناده ضعيف؛ أحمد بن عبدالجبار فيه ضعفٌ، ويونس بن بكير وإن كان صدوقًا إلا أن في رواياته للسيرة مقالًا، قال أبو داود السجستاني: «ليس بحجّة عندي، يأخذ كلام أبي إسحاق فيوصله بالحديث». تنظر ترجمته في: تهذيب التهذيب لابن حجر ١١/ ٣٨٢. ومتن الحديث كما قال ابن كثير في تفسيره ٢/ ٥٢: «فيه غرابة».

<<  <  ج: ص:  >  >>