للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلَيْهِ تَبْتِيلًا} [المزمل: ٨]- قالوا: فأرِنا فيما خلق اللهُ عبدًا مثلَه، يُحْيِي الموتى، ويُبْرِئُ الأكمه والأبرص، ويخلق من الطين طيرًا -ولم يقولوا: بإذن اللَّه-، وكل آدميٍّ له أبٌ، وعيسى لا أب له، فتابعنا في أنّ عِيسى ابن الله ونُتابِعك، فإمّا أن تجعل عيسى ولدًا وإمّا إلهًا. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَعاذ الله أن يكون له ولد، أو يكون معه إله». فقالا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أنت أحمد؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنا أحمد، وأنا محمد». فقالا: فيم أحمد؟ قال: «أحمد الناس عن الشرك». قالا: فإنّا نسألك عن أشياء. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا أخبركم حتى تُسْلِمُوا فتَتَّبِعُوني». قالا: أسلمنا قبلك. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنكما لم تُسْلِما، حَجَزَكما عن الإسلام ثلاثة: أكلكما الخنزير، وشربكما الخمر، وقولكما إن لله - عز وجل - ولدًا». فغَضِبا عند ذلك، فقالا: مَن أبو عيسى؟ ائْتِنا له بمَثَلٍ. فأنزل الله - عز وجل -: {إنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (١). (ز)

١٣١٧٨ - عن عبد الملك ابن جريج -من طريق ابن ثور- قال: بلغنا: أنّ نصارى نجران قدِم وفدُهم على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيهم السيِّد والعاقِب، وهما يومئذ سَيِّدا أهلِ نجران، فقالوا: يا محمد، فيمَ تَشْتُم صاحبَنا؟ قال: «مَن صاحِبُكم؟». قالوا: عيسى ابن مريم، تزعم أنّه عبد. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أجل، إنّه عبد الله، وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه». فغضبوا، وقالوا: إن كنت صادقًا فأرِنا عبدًا يُحْيِي الموتى، ويُبْرِئ الأكمه، ويخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه -الآية-، لكنَّه الله. فسكت، حتى أتاه جبريل، فقال: يا محمد {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم} [المائدة: ١٧] الآية. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ياجبريل، إنّهم سألوني أن أُخْبِرَهم بمَثَل عيسى». قال جبريل: {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون}. فلما أصبحوا عادوا، فقرأ عليهم الآيات (٢). (٣/ ٦٠٣)

١٣١٧٩ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قول الله - عز وجل -: {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب}، قال: أتى نَجْرانِيّان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالا له: هل علمتَ أنّ أحدًا وُلِدَ مِن غير ذَكَر فيكون عيسى كذلك؟ قال: فأنزل الله - عز وجل -: {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له


(١) تفسير مقاتل بن سليمان ١/ ٢٧٩ - ٢٨١.
(٢) أخرجه ابن جرير ٥/ ٤٦١ - ٤٦٢، وابن المنذر ١/ ٢٢٤ (٥٣٨) مرسلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>