للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتصرفت معانيه" (١)، و"تفسير القرآن". وفي الحديث له كتاب "الجامع"، كذلك له اختيارات في الفقه (٢).

أما تفسيره فقد ألَّفه بإفريقية وأثنى عليه أهل العلم، فقال أبو عمرو الداني: "سكن أفريقية دهرًا، وسمع الناس بها كتابه في تفسير القرآن، وليس لأحد من المتقدمين مثله" (٣)، وقد اعتنى به الأندلسيون والمغاربة اعتناءً كبيرًا؛ حتى ذُكرت له عندهم مختصرات عِدَّة، من أشهرها: مختصر ابن أبي زَمَنِين (ت: ٣٩٩ هـ) (٤). أما عند المشارقة فلم أقف على أحد من أئمة نقلة التفسير المسند -كالطبري وابن المنذر وابن أبي حاتم- يروي عنه! سواء من تفسيره الاجتهادي أو النقدي، ولعل سبب ذلك عدم وقوفهم على تفسيره (٥).

ويظهر أن نسخ تفسير يحيى بن سلام الكاملة قد فقدت بعد ذلك، لذا لم نجد المعتنين بالتفسير المأثور من المتأخرين ينقل عنه، كابن كثير (ت: ٧٧٤ هـ)، وكذا السيوطي (ت: ٩١١ هـ) في "الدر المنثور" الذي لم ينقل عنه شيئًا من تفسيره النقلي أو الاجتهادي.

لكن شاء اللَّه أن تبقى أجزاء متفرقة منه في مهده الأول (تونس)، ظلت حبيسة في مكتباتها، إلى أن هيَّأ اللَّه له الدكتورة الفاضلة هند شلبي التي قامت بجمع متفرقه، وتحرير نصِّه، وتحقيق أجزائه، وأصدرت ما تم من سوره في مجلدين؛ من سورة النحل إلى سورة الصافات (٦)، وقد اعتمدنا عليه في استخراج تفسير يحيى بن سلام في هذه الموسوعة، وأما السور الأخرى فقد استُخرج من مختصره تفسير ابن أبي زمنين، كما تقدم، وبهذا ترصَّعت موسوعة التفسير المأثور بهذه الميزة عن مثيلاتها، فبلغت آثار تفسير يحيى (٢٦٢٨) أثرًا، لا تكاد تجد أي منها في كتب التفسير المأثور المسندة.


(١) طبع بتحقيق: د. هند شلبي، الشركة التونسية، ١٩٧٩ م. وينظر: بيان مدى نسبته إليه في كتاب تفسير أتباع التابعين ص ٣٥١.
(٢) ينظر: مقدمة تحقيق تفسير يحيى بن سلام ١/ ١٣.
(٣) غاية النهاية في طبقات القراء ٢/ ٣٧٣.
(٤) طبع بتحقيق: عبد اللَّه حسين بن عكاشة، ومحمد مصطفى الكنز، الفاروق الحديثة للطباعة والنشر، ط ١، ١٤٢٣/ ٢٠٠١ م، ٥ أجزاء.
(٥) لكن أورد آثارًا من تفسيره بعض المفسرين المشارقة المتأخرين، من أبرزهم: الماوردي (ت: ٤٥٠ هـ). ينظر: تفسير أتباع التابعين ص ١٧٧.
(٦) صدر عام ١٤٢٥ هـ -٢٠٠٤ م، عن دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، ٩١٣ صفحة في مجلدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>