ثم بيَّن الأصل اللغوي لكلمة الفَوْر، فقال: «وأصل الفَوْرِ: ابتداءُ الأمر يؤخذ فيه ثم يوصل بآخر، يُقال منه: فارت القِدْر، فهي تفور فَوْرًا وفَوَرانًا، إذا ما ابتدأ ما فيها بالغليان ثم اتصل. ومضَيْتُ إلى فلانٍ مِن فوري ذلك، يُراد به: مِن وجْهي الذي ابتَدَأْت فيه». ثم وجَّه كِلا القولين، فقال: «فالذي قال في هذه الآية: معنى قوله: {مِن فَوْرِهِمْ هَذا}: مِن وجْهِهِم هذا، قَصَد إلى أنّ تأويله: ويأتيكم كُرْزُ بن جابر وأصحابه يوم بدر مِن ابتداء مَخْرَجهم الذي خرجوا منه، لنصرة أصحابهم من المشركين. وأمّا الذين قالوا: معنى ذلك: مِن غضبهم هذا، فإنما عَنَوا أنّ تأويل ذلك: ويأتيكم كفار قريش وتُبّاعُهم يوم أحد، مِن ابتداءِ غضبهم الذي غضبوه لقتلاهم الذين قُتِلوا يوم بدرٍ بها».ووجَّه ابنُ عطية (٢/ ٣٤٧) قول من قال: إنّ المعنى: من غضبهم هذا، فقال: «وهذا تفسير لا يخص اللفظة، قد يكون الفَوْر لغضبٍ ولطمعٍ ولرغبةٍ في أجر، ومنه الفَوْر في الحج والوضوء».