للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسلْه عن ذنبِك؛ لعلَّ الله أن يجعل له فرجًا وتوبةً. فأقبل معه حتى رجع إلى المدينة، وكان ذات يوم عند صلاة العصر نزل جبريل - عليه السلام - بتوبته، فتلا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {والذين إذا فعلوا فاحشة} إلى قوله: {ونعم أجر العاملين}. فقال عمرُ: يا رسول الله، أخاصٌّ هذا لهذا الرجلِ، أم للناسِ عامَّةً؟ قال: «بل للناسِ عامَّةً» (١). (ز)

١٤٦٥٠ - قال مقاتل بن سليمان في قوله: {والذين إذا فعلوا فاحشة}: وذلك أنّ رجلًا خرج غازيًا، وخَلَّفَ رجلًا فى أهله وولده، فعرض له الشيطانُ فى أهله، فهوى المرأةَ، فكان مِنه ما ندم [عليه]، فأتى أبا بكر الصديق، فقال: هلكتُ. قال: وما هَلاكُكَ؟ قال: ما مِن شئ ينالُه الرجلُ مِن المرأة إلّا وقد نِلْتُه، غير الجماع. فقال أبو بكر: ويحَكَ، أما علمتَ أنّ الله - عز وجل - يغارُ للغازي ما لا يَغارُ للقاعِد. ثُمَّ لقِي عمرَ، فأخبره، فقال له مثلَ مقالةِ أبي بكرٍ، ثم أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له مثلَ مقالتهما؛ فأنزل الله - عز وجل - فيه: {والَّذِينَ إذا فَعَلُوا فاحِشَةً أوْ ظَلَمُوا أنْفُسَهُم ذَكَرُوا اللَّهَ فاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ ومَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلّا اللَّهُ ولَمْ يُصِرُّوا} يُقِيموا {عَلى ما فَعَلُوا وهُمْ يَعْلَمُونَ* أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ} لذنوبهم {مِن رَبِّهِمْ وجَنّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ونِعْمَ أجْرُ العامِلِينَ}. فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «ظلمتَ نفسَك، فاستغفر اللهَ، وتُبْ إليه». فاستغفر الرجلُ، واستغفر له النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -. نزلت هذه الآيةُ في عمر بن قيس، ويُكْنى أبا مُقْبِل، وذلك حين أقبل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد صدمه حائطٌ، وإذا الدم يسيل على وجهه عقوبةً لِما فعل، فانتهى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأذَّن بلالٌ بالصلاة صلاةِ الأولى، فسأل أبو مُقْبِل النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: ما توبتُه؟ فلم يُجِبْه، ودخل المسجدَ، وصلّى الأولى، ودخل أبو مُقْبِل وصلّى معه، فنزل جبريل - عليه السلام - بتوبته: {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات} يعني: الصلوات الخمس {يذهبن السيئات} [هود: ١١٤]. يعني: الذنوب التى لم تُخْتَم بالنار، وليس عليه حَدٌّ في الزنا، وما بين الحَدَّيْن فهو اللَّمَمُ، والصلواتُ الخمسُ تُكَفِّرُ هذه الذنوبَ، وكان ذنبُ أبي مُقْبِل مِن هذه الذنوب، فلما صلّى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي مُقْبِل: «أما توضأت قبل أن تأتيَنا؟». قال: بلى. قال: «أما شهدت معنا الصلاة؟». قال: بلى. قال: «فإنّ الصلاةَ قد كَفَّرَتْ ذنبَك». وقرأ


(١) أورده الواحدي في أسباب النزول ص ١٢٣ من طريق الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس -كما في العجاب لابن حجر ٢/ ٧٥٧ - .
إسناده ضعيف جِدًّا. وينظر: مقدمة الموسوعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>