للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٥٢١١ - قال محمد بن السائب الكلبي، في قوله: {وشاورهم في الأمر}: يعني: ناظِرْهم في لقاء العدوِّ، ومكانِ الحربِ عند الغزو (١). (ز)

١٥٢١٢ - عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- في قوله: {وشاورهم في الأمر}، أي: لتريهم أنّك تسمع منهم، وتستعين بهم، وإن كنت عنهم غنِيًّا، تَأَلَّفُهم بذلك على دينهم (٢). (ز)

١٥٢١٣ - قال مقاتل بن سليمان: {وشاورهم في الأمر}، وذلك أنّ العرب في الجاهلية كان إذا أراد سيِّدُهم أن يقطع أمرًا دونهم ولم يُشاوِرهم شقَّ ذلك عليهم، فأمر الله - عز وجل - النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يشاورهم في الأمر إذا أراد، فإنّ ذلك أعطفُ لقلوبهم عليه، وأذهبُ لِضَغائِنهم (٣). (ز)

١٥٢١٤ - عن سفيان بن عيينة -من طريق سوار بن عبد الله العنبري- في قوله: {وشاورهم في الأمر}، قال: هي للمؤمنين؛ أن يتشاوروا فيما لم يأتِهم عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فيه أثر (٤) [١٤٥٣]. (ز)


[١٤٥٣] اختُلِف في المعنى الذي من أجله أمر الله نبيَّه أن يشاورهم، وما المعنى الذي أمره أن يشاورهم فيه؟ فقال بعضهم: أمر اللهُ نبيَّه بمشاورة أصحابه في مكايد الحرب تطييبًا لأنفسهم، وتَأَلُّفًا لهم على دينهم، وإن كان الله قد أغناه بتدبيره له أموره. وقال آخرون: بل أمره بمشورتهم ليتبين له الأصوبَ في التدبير؛ لِما في الشورى من فضل. وقال غيرهم: إنّما أمره الله بالمشاورة مع إغنائه بتدبير أموره لِيَتَّبِعه المؤمنون.
وجمع ابنُ جرير (٦/ ١٩٠ - ١٩١) بينها، فقال: «وأَوْلى الأقوال بالصواب في ذلك أن يُقال: إنّ الله -جل ثناؤه- أمر نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - بمشاورة أصحابه فيما حزبه من أمر عدوِّه، ومكايد حربه، تَأَلُّفًا منه بذلك مَن لم تكن بصيرتُه بالإسلام البصيرةَ التي يُؤْمَن عليه معها فتنة الشيطان، وتعريفًا منه أُمَّته مَأْتى الأمور التي تَحْزُبُهم مِن بعده ومَطْلَبَها، ليقتدوا به في ذلك عند النوازل التي تنزل بهم، فيتشاوروا فيما بينهم، كما كانوا يرونه في حياته - صلى الله عليه وسلم - يفعله، فأمّا النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنّ الله -جل ثناؤه- كان يُعَرِّفُه مطالبَ وجوه ما حَزَبَهُ من الأمور بوحيه أو إلهامه إيّاه صواب ذلك، فأمّا أُمَّتُه فإنهم إذا تشاوروا مُسْتَنِّين بفعله في ذلك على تَصادُقٍ، وتَأَخٍّ للحقِّ، وإرادةِ جميعهم للصواب، مِن غير ميلٍ إلى هوًى، ولا حَيْدٍ عن هُدًى؛ فاللهُ مُسَدِّدُهم ومُوَفِّقُهم».

<<  <  ج: ص:  >  >>