وجمع ابنُ جرير (٦/ ١٩٠ - ١٩١) بينها، فقال: «وأَوْلى الأقوال بالصواب في ذلك أن يُقال: إنّ الله -جل ثناؤه- أمر نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - بمشاورة أصحابه فيما حزبه من أمر عدوِّه، ومكايد حربه، تَأَلُّفًا منه بذلك مَن لم تكن بصيرتُه بالإسلام البصيرةَ التي يُؤْمَن عليه معها فتنة الشيطان، وتعريفًا منه أُمَّته مَأْتى الأمور التي تَحْزُبُهم مِن بعده ومَطْلَبَها، ليقتدوا به في ذلك عند النوازل التي تنزل بهم، فيتشاوروا فيما بينهم، كما كانوا يرونه في حياته - صلى الله عليه وسلم - يفعله، فأمّا النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنّ الله -جل ثناؤه- كان يُعَرِّفُه مطالبَ وجوه ما حَزَبَهُ من الأمور بوحيه أو إلهامه إيّاه صواب ذلك، فأمّا أُمَّتُه فإنهم إذا تشاوروا مُسْتَنِّين بفعله في ذلك على تَصادُقٍ، وتَأَخٍّ للحقِّ، وإرادةِ جميعهم للصواب، مِن غير ميلٍ إلى هوًى، ولا حَيْدٍ عن هُدًى؛ فاللهُ مُسَدِّدُهم ومُوَفِّقُهم».