للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فبلغه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج في أصحابه يطلبهم، فثنى ذلك أبا سفيان وأصحابَه، ومَرَّ ركبٌ من عبد القيس، فقال لهم أبو سفيان: بَلِّغوا محمدًا أنّا قد أجمعنا الرجعة إلى أصحابه لنستأصلهم. فلما مر الركب برسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحمراء الأسد أخبروه بالذي قال أبو سفيان، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنون معه: «حسبنا الله ونعم الوكيل». فأنزل الله في ذلك: {الذين استجابوا لله والرسول} الآيات (١). (٤/ ١٣٦)

١٥٤٦٣ - عن عبد الملك ابن جريج، قال: أُخبرت أن أبا سفيان لما راح هو وأصحابه يوم أحد منقلبين، قال المسلمون للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إنهم عامدون إلى المدينة، يا رسول الله. فقال: «إن رَكِبوا الخيل وتركوا الأثقال فهم عامدوها، وإن جلسوا على الأثقال وتركوا الخيل فقد أرعبهم الله، فليسوا بعامديها». فركبوا الأثقال، ثم ندب أناسًا يتبعونهم ليروا أن بهم قوة، فاتبعوهم ليلتين أو ثلاثًا، فنزلت: {الذين استجابوا لله والرسول} الآية (٢). (٤/ ١٤٠)

١٥٤٦٤ - قال مقاتل بن سليمان: {الذين استجابوا لله والرسول} وذلك أن المشركين انصرفوا يوم أحد ولهم الظفر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إني سائر في أثر القوم». وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد على بغلة شهباء، فدَبَّ المنافقون إلى المؤمنين، فقالوا: أتوكم في دياركم، فوطئوكم قتلًا، وكان لكم النصر يوم بدر، فكيف تطلبونهم وهم اليوم عليكم أجرأ، وأنت اليوم أرعب؟! فوقع في أنفس المؤمنين قول المنافقين، فاشتكوا ما بهم من الجِراحات، فأنزل الله - عز وجل -: {إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله} إلى آخر الآية، وأنزل الله تعالى: {إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون} [النساء: ١٠٤]، يعنى: تتوجعون من الجِراحات، إلى آخر الآية. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لأطلبنهم ولو بنفسي». فانتَدَب مع النبي - صلى الله عليه وسلم - سبعون رجلًا من المهاجرين والأنصار، حتى بلغوا صفراء بدر الصغرى، فبلغ أبا سفيان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يطلبه، فأمعن عائدًا إلى مكة مرعوبًا، ولقي أبو سفيان نُعَيْم بن مسعود الأشجعي وهو يريد المدينة، فقال: يا نُعَيْم، بَلَغَنا أن محمدًا في الأثر، فأخبِره أن أهل مكة قد جمعوا جمعًا كثيرًا من قبائل العرب لقتالكم، وأنهم لقوا أبا سفيان، فلاموه بِكَفِّه عنكم بعد الهزيمة، حتى هموا به فرَدُّوه، فإن رددت عَنّا محمدًا فلك عشر


(١) أخرجه البيهقي في الدلائل ٣/ ٣١٥ - ٣١٦، وابن جرير ٦/ ٢٤٦ - ٢٤٨، وابن المنذر ٢/ ٤٩٦ - ٥٠٠ (١١٨٩) مرسلًا.
(٢) أخرجه ابن جرير ٦/ ٢٤٣، وابن المنذر ٢/ ٤٩٣ (١١٨٤) مرسلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>