وبنحو ذلك وجَّهَها ابنُ عطية (٢/ ٤٦١). وانتَقَدَ ابن جرير (٦/ ٣٤٦) هذه القراءةَ لعدم فصاحتها في لغة العرب، فقال: «ذلك غيرُ فصيح مِن الكلام عند العرب؛ لأنها لا تَنسق بظاهر على مَكْنِيٍّ في الخفض إلا في ضرورة شعر، وذلك لضيق الشعر. وأمّا الكلام فلا شيء يضطر المتكلم إلى اختيار المكروه مِن المنطق والرديء في الإعراب منه». وانتَقَدَها ابنُ عطية (٢/ ٤٦٢) لعدم فصاحتها أيضًا، ولمخالفتها نصًّا نبويًّا، فقال: «يَرُدُّ عندي هذه القراءة من المعنى وجهان: أحدهما: أنّ ذكر الأرحام فيما يُتَساءَلُ به لا معنى له في الحضِّ على تقوى الله، ولا فائدة فيه أكثر مِن الإخبار بأنّ الأرحام يُتَساءلُ بها، وهذا تفرُّقٌ في معنى الكلام، وغَضٌّ مِن فصاحته، وإنّما الفصاحة في أن يكون لذكر الأرحام فائدةٌ مستقلة. والوجه الثاني: أنّ في ذكرها على ذلك تقريرًا للتساؤل بها، والقسم بحرمتها، والحديث الصحيح يَرُدُّ ذلك في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «مَن كان حالِفًا فليحلف بالله أو ليصمت»». وزاد ابنُ عطية (٢/ ٤٦٢) توجيهًا آخر، ثم انتَقَدَه مستندًا إلى نظم الكلام وسياقه بقوله: «وقالت طائفة: إنّما خفض {والأرحام} على جهة القسم مِن الله، على ما اختص به -لا إله إلا هو- من القسم بمخلوقاته، ويكون المقسم عليه فيما بعد من قوله: {إن الله كان عليكم رقيبا}. وهذا كلامٌ يأباه نظمُ الكلام وسردُه، وإن كان المعنى يخرجه». وبيَّنَ ابنُ تيمية (٢/ ١٩٥) أنّ هذا ليس من باب الإقسام، فقال: «قال طائفة من السلف: هو قولهم: أسألك بالله وبالرحم. وهذا إخبارٌ عن سؤالهم. وقد يُقال: إنّه ليس بدليلٍ على جوازه، فإن كان دليلًا على جوازه فمعنى قولِه: أسألك بالرحم. ليس إقسامًا بالرحم -والقسم هنا لا يسوغ- لكن بسبب الرحم، أي: لأنّ الرحم تُوجِب لأصحابها بعضِهم على بعضٍ حقوقًا، كسؤال الثلاثة لله تعالى بأعمالهم الصالحة، وكسؤالنا بدعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وشفاعته. ومن هذا الباب ما رُوِي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنّ ابن أخيه عبد الله بن جعفر كان إذا سأله بحقٍّ جعفرٍ أعطاه، وليس هذا من باب الإقسام؛ فإن الإقسام بغير جعفر أعظم، بل من باب حقِّ الرَّحِم؛ لأن حقَّ الله إنما وجب بسبب جعفر، وجعفر حقه على علي».