للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٦٠٠٢ - عن مقاتل بن حيّان -من طريق بُكَيْر بن معروف- قوله: {ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب}، يقول: لا تشتروا الخبيثَ بالطيِّب (١). (ز)

١٦٠٠٣ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب}، قال: كان أهلُ الجاهلية لا يُوَرِّثون النساءَ، ولا يُوَرِّثون الصغارَ، يأخذُه الأكبرُ. وقرأ: {وترغبون أن تنكحوهن} [النساء: ١٢٧] قال: إذا لم يكن لهم شيء، {والمستضعفين من الولدان} لا يورثونهم. قال: فنصيبه مِن الميراث طيِّبٌ، وهذا الذي أخذه خبيث (٢) [١٥١٣]. (٤/ ٢١٥)


[١٥١٣] أفادت الآثارُ الاختلافَ في صفة تَبَدُّلِهِم الخبيثَ بالطّيِّب الذي نُهُوا عنه في قوله تعالى: {ولا تَتَبَدَّلُواْ الخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ} ومعناه، على أقوال؛ أولها: هو أن يجعل الزائفَ بدل الجيِّد، والمهزول بدل السمين. وهذا قول إبراهيم النخعي، وابن المسيب، والزهري، والضحاك، والسديّ. والثاني: هو استعجال أكل الحرام قبل إتيان الحلال. وهذا قول مجاهد، وأبي صالح. والثالث: أنّ أهل الجاهلية كانوا لا يُوَرِّثون الصغار والنساءَ، ويأخذه الرجل الأكبر، فكان يستبدل الخبيث بالطيب؛ لأن نصيبَه من الميراث طيب، وأخذه الكل خبيث. وهذا قول ابن زيد.
ورجَّحَ ابنُ جرير (٦/ ٣٥٤ بتصرف) القولَ الأولَ؛ استنادًا إلى السياق، والدلالة اللغوية، فقال: «تبدل الشيء بالشيء في كلام العرب: أخذ شيءٍ مكانَ آخر غيره، يعطيه المأخوذُ منه أو يجعله مكان الذي أخذ. ذلك هو الأظهر من معانيه؛ لأنّ الله -جل ثناؤه- إنّما ذكر ذلك في قصة أموال اليتامى وأحكامها، فلأن يكون ذلك من جنس حُكمِ أول الآية وآخرها أولى مِن أن يكون من غير جنسه».
وانتَقَدَ ابنُ جرير (٦/ ٣٥٤) القولَ الثالثََ استنادًا إلى اللغة، فقال: «الذي قاله ابن زيد -مِن أنّ معنى ذلك: هو أخذ أكبرِ ولد الميت جميعَ مال ميِّته ووالده، دون صغارهم إلى ماله- قولٌ لا معنى له؛ لأنه إذا أخذ الأكبرُ مِن ولده جميعَ ماله دون الأصاغر منهم فلم يستبدل مما أخذ شيئًا، فما التبدُّلُ الذي قال -جل ثناؤه-: {ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب}، ولم يتبدَّل الآخذُ مكان المأخوذِ بدلًا؟!».
وعلَّقَ ابنُ جرير (٦/ ٣٥٤ - ٣٥٥) على قول مجاهد وأبي صالح بقوله: «إن لم يكونا أرادا بذلك نحوَ القول الذي رُوِي عن ابن مسعود أنّه قال: إنّ الرجلَ لَيُحْرَمَ الرِّزْقَ بالمعصية يأتيها. ففسادُه نظيرُ فسادِ قول ابن زيد؛ لأنّ مَن استعجل الحرامَ فأكله ثُمَّ آتاه الله رزقَه الحلالَ فلم يُبَدِّل شيئًا مكان شيء. وإن كانا قد أرادا بذلك أنّ الله -جل ثناؤه- نهى عبادَه أن يستعجلوا الحرام فيأكلوه قبل مجيء الحلال، فيكون أكلُهم ذلك سببًا لحرمان الطيِّب منه؛ فذلك وجهٌ معروف، ومذهبٌ معقول يحتمله التأويل. غير أنّ أشبه مَن في ذلك بتأويل الآية ما قلنا».

<<  <  ج: ص:  >  >>