للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على هذا ما شاء اللهُ أن يكون، ثم أُنزلت فرائضُ المواريث، ففرض مواريث الوالدين، فنسخت المواريث في السنة الوصيةَ للوالدين، ولكل وارثٍ إلا بإذن الوَرَثَةِ في شيءٍ، فيجوز ما أذِنوا به (١). (ز)

١٦٤٥٣ - عن زيد بن أسلم -من طريق القاسم بن عبد الله بن عمر- أنّه قال: وقال في سورة النساء: {وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه}، فنسختها آيةُ الميراث، لكل امرئٍ نصيبُه (٢). (ز)

١٦٤٥٤ - وعن محمد بن السائب الكلبي في قول الله: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه}، قال: نسخها الميراثُ، والوَصِيَّةُ (٣). (ز)

١٦٤٥٥ - عن ابن وهب، قال: سمعتُ الليث بن سعد يقول في هذه الآية: {وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا}، فقال: نُسِخَتْ هذه الآيةُ بما فَرَضَ الله من المواريث (٤). (ز)

١٦٤٥٦ - قال يحيى بن سلام: وهو قول العامَّةِ أنّها منسوخة (٥) [١٥٣٦]. (ز)


[١٥٣٦] أفادت الآثارُ الاختلافَ في إحكام هذه الآية، والمأمور بها، على ثلاثة أقوال: أولها: أنّ الآية محكمة، والمأمور بها ورثة الميت. وثانيها: أنها منسوخة بالمواريث والوصية. وثالثها: أنها محكمة، والمأمور بها المحتضرون الذين يقسمون أموالهم بالوصية. واختلف أصحاب القول الأول: هل الأمر في الآية على جهة الوجوب أو الندب؟ قولان، ذكرهما ابن عطية (٢/ ٤٧٥)، وابن كثير (٣/ ٣٦٠). واختلف القائلون بالوجوب فيما إذا كان الوارث صغيرًا لا يتصرف في ماله: هل يعطي وليّ الوارث الصغير من مال وليه، أو ليس له ذلك؛ لأنه غير مالك للمال، ولكنه يقول لهم قولًا معروفًا؟ قولان، ذكرهما ابن جرير (٦/ ٤٤١ - ٤٤٤)، وابن عطية (٢/ ٤٧٥). واختلف القائلون بإحكام الآية في المخاطب بقوله تعالى: {وقولوا لهم قولًا معروفًا} -بناء على ماسبق- فقيل: هم ولاة اليتامى. وقيل: هم المحتضرون الذين يُوصون فِي مالِهم.
ورَجَّحَ ابنُ جرير (٦/ ٤٣٨) استنادًا إلى السياق القولَ الثالثَ أنّها محكمة، والمأمور بها المحتضرون الذين يقسمون أموالهم بالوصية. وهو قول عائشة، وسعيد بن المسيب، وابن زيد.
وانتَقَدَ القولَ بالنسخ -وهو قول سعيد بن المسيب، وأبي مالك، والضحاك، وقول لابن عباس-؛ لعدم الدليل عليه، ولإمكان الجمع بين هذه الآية وآية المواريث. وقال مُبَيّنًا معناها: «إنّما عنى بها الوصيةَ لأولي قربى الموصي، وعنى باليتامى والمساكين: أن يقال لهم قول معروف».
واسْتَدْرَكَ ابنُ عطية (٢/ ٤٧٦) على المعنى الذي قاله ابن جرير للآية، فقال: «الضمير في قوله: {فارزقوهم} وفي قوله: {لهم} عائد على الأصناف الثلاثة، وغير ذلك مِن تفريق عود الضميرين -كما ذهب إليه الطبري- تحَكُّمٌ».وكذلك فعل ابنُ كثير (٣/ ٣٦٣)، فقال: «وقد اختار ابن جرير هاهنا قولًا غريبًا جِدًّا، وحاصله: أنّ معنى الآية عنده {وإذا حَضَرَ القِسْمَةَ} أي: وإذا حضر قسمةَ مال الوصية أولو قرابة الميت {فارْزُقُوهُمْ مِنهُ وقُولُوا لَهُمْ} لليتامى والمساكين إذا حضروا {قَوْلا مَعْرُوفًا} هذا مضمون ما حاوله بعد طُول العبارة والتكرار، وفيه نظر».

<<  <  ج: ص:  >  >>