ورَجَّحَ ابنُ جرير (٦/ ٤٥٢) القولَ الأولَ استنادًا إلى السياق، وقال: «وإنما قلنا: ذلك بتأويل الآية أوْلى من غيره من التأويلات؛ لِما قد ذكرنا فيما مضى قبلُ: مِن أن معنى قوله: {وإذا حَضَرَ القِسْمَةَ أُولُو القُرْبى واليَتامى والمَساكِينُ فارْزُقُوهُمْ مِنهُ وقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا}: وإذا حضر الوصيةَ أولو القربى واليتامى والمساكين فأوصوا لهم. بما قد دَلَّلْنا عليه من الأدلة. فإذا كان ذلك تأويل قوله: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين} الآية؛ فالواجب أن يكون قوله -تعالى ذكره-: {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم} تأديبًا منه عبادَه في أمر الوصية بما أذِنهم فيه، إذ كان ذلك عَقِيب الآية التي قبلها في حكم الوصية، وكان أظهرَ معانيه ما قلنا، فإلحاق حكمه بحكم ما قبله أولى، مع اشتباه معانيهما، مِن صرف حكمه إلى غيره بما هو له غير مشبه». وذَهَبَ ابنُ كثير (٣/ ٣٦٥) استنادًا إلى السياق إلى القول الثالث، فقال: «هو قول حسنٌ، يتأيد بما بعده من التهديد في أكل أموال اليتامى ظلمًا، أي: كما تحب أن تُعامَل ذريتك من بعدك فعامِل الناسَ في ذريّاتهم إذا وليتهم، ثم أعْلَمَهُم أنّ من أكل أموال اليتامى ظلمًا فإنما يأكل في بطنه نارًا، ولهذا قال: {إنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أمْوالَ اليَتامى ظُلْمًا إنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نارًا وسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا}». وقال ابنُ عطية (٢/ ٤٧٧) مَعَلِّقًا على القولين الأولين، ومختارًا للجمع بينهما: «وهذان القولان لا يَطَّرِدُ واحد منهما في كل الناس، بل الناس صنفان، يصلح لأحدهما القول الواحد، وللآخر القول الثاني، وذلك أنّ الرجل إذا ترك ورثة مستقلين بأنفسهم أغنياء حَسُن أن يُندَبَ إلى الوصية، ويُحْمَل على أن يُقَدِّم لنفسه، وإذا ترك ورثة ضعفاء مُقِلِّين حَسُن أن يندب إلى الترك لهم والاحتياط، فإنّ أجره في قصد ذلك كأجره في المساكين، فالمُراعى إنما هو الضعف؛ فيجب أن يمال معه».