للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُضِرُّ بامرأتِه لتفتدي منه، ولا حاجة له فيها، يقول: لا تحبسوهن {لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن}، يقول: ببعض ما أعطيتُمُوهُنَّ مِن المهر (١). (ز)

١٦٨٦٩ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- قال: كان العَضْلُ في قريش بمكة، ينكح الرجلُ المرأةَ الشريفةَ، فلعلَّها لا توافِقُه، فيُفارِقُها على ألّا تتزوج إلا بإذنه، فيأتي بالشهود فيكتُبُ ذلك عليها ويُشْهِد، فإذا خطبها خاطِبٌ؛ فإن أعْطَتْهُ وأَرْضَتْهُ أذِن لها، وإلّا عَضَلَها (٢) [١٥٧٤]. (٤/ ٢٨٩)


[١٥٧٤] أفادت الآثارُ الاختلافَ في المخاطب بهذه الآية على أربعة أقوال: أولها: أنّه خطاب لورثة الأزواج ألّا يمنعوهن من التزويج. وهذا قول ابن عباس، والحسن، وعكرمة. وثانيها: خطاب للأزواج ألّا يعضلوا نساءهم بعد الطلاق، كما كانت قريش تفعل في الجاهلية. وهو قول ابن زيد. وثالثها: أنه خطاب للأزواج ألّا يحبسوا النساء كرهًا؛ ليفتدين نفوسهن، أو يَمُتْنَ فيرثهن الزوج. وهذا قول قتادة، والشعبي، والسدي، والضحاك، وغيرهم. ورابعها: أنّه خطاب للأولياء. وهذا قول مجاهد.
ورَجَّحَ ابنُ جرير (٦/ ٥٣٠ - ٥٣١) القولَ الثالثَ استنادًا إلى الدلالة العقلية، وقال: «إنّما قلنا ذلك أولى بالصِّحَّة لأنّه لا سبيلَ لأحدٍ إلى عضل امرأة إلّا لأحد رجلين: إمّا لزوجها بالتضييق عليها وحبسها على نفسه وهو لها كارِهٌ، مضارّة منه لها بذلك؛ ليأخذ منها ما آتاها بافتدائها منه نفسها بذلك. أو لوليِّها الذي إليه إنكاحُها. وإذا كان لا سبيل إلى عضلها لأحدٍ غيرهما، وكان الوليُّ معلومًا أنّه ليس مِمَّن أتاها شيئًا فيُقال -إنْ عضلها عن النكاح-: عَضَلها ليذهب ببعض ما آتاها. كان معلومًا أنّ الذي عنى اللهُ -تبارك وتعالى- بنهيِه عن عضلها هو زوجُها الذي له السبيلُ إلى عضلها ضِرارًا لتفتدي منه».
ثُمَّ قال مُنتَقِدًا الأقوال الأخرى: «وإذا صحَّ ذلك، وكان معلومًا أنّ الله -تعالى ذِكْرُه- لم يجعل لأحدٍ السبيلَ على زوجته بعد فراقه إياها وبينونتها منه فيكون له إلى عضلِها سبيلٌ لتفتدي منه مِن عَضْله إياها، أتت بفاحشة أم لم تأت بها، وكان الله -جل ثناؤه- قد أباح للأزواج عضلَهُنَّ إذا أتين بفاحشة مبيِّنة حتى يَفْتَدِينَ منه، كان بيِّنًا بذلك خطأُ التأويل الذي تأوّله ابن زيد، وتأويلِ من قال: عنى بالنهي عن العضل في هذه الآية أولياءَ الأيامى، وصحةُ ما قلنا فيه».
وبنحوه قال ابنُ عطية (٢/ ٥٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>