ورجَّحَ ابنُ جرير (٦/ ٥٨٢) أنّ الآية تشمل جميع تلك المعاني استنادًا إلى دلالة السياق، والعموم، فقال: «أوْلى الأقوال في ذلك بالصواب ما نحن مبيِّنوه، وهو أنّ الله -جل ثناؤه- بيَّن لعباده المحرَّماتِ بالنسب والصهر، ثُمَّ المحرمات من المحصنات من النساء، ثم أخبرهم -جلَّ ثناؤه- أنّه قد أحلَّ لهم ما عدا هؤلاء المحرَّمات المبيَّنات في هاتين الآيتين أن نَبْتغيه بأموالنا نكاحًا وملك يمين، لا سفاحًا. فإن قال قائل: عرفنا المحلَّلات اللواتي هُنَّ وراء المحرَّمات بالأنساب والأصهار، فما المحلَّلات من المحصَنات والمحرمات منهن؟ قيل: هو ما دون الخمس مِن واحدة إلى أربع -على ما ذكرنا عن عبيدة والسدي- من الحرائر، فأما ما عدا ذوات الأزواج فغيرُ عددٍ محصورٍ بملك اليمين. وإنما قلنا: إنّ ذلك كذلك لأنّ قوله: {وأحل لكم ما وراء ذلكم} عامٌّ في كل مُحَلَّل لنا مِن النساء أن نبتغيها بأموالنا. فليس توجيه معنى ذلك إلى بعضٍ مِنهُنَّ بأولى مِن بعض، إلا أن تقوم بأن ذلك كذلك حجَّة يجب التسليم لها، ولا حُجة بأن ذلك كذلك». وذَهَبَإلى ذلك أيضًا ابن عطية (٢/ ٥١٦). وذَهَبَ ابنُ كثير (٣/ ٤٢٧) إلى القول الثاني، واسْتَدْرَكَ على القول الأول بقوله: «هذا بعيد، والصحيح قول عطاء».