ورجَّحَ ابن جرير (٦/ ٥٩٤ - ٥٩٥) القولَ الأولَ، وانتَقَدَ القولَ الثاني مستندًا إلى الإجماع، ودلالة النظير، والعقل، وعَلَّلَ ذلك بـ: «إجماع الجميع على أنّ الله -تبارك وتعالى- لم يُحَرِّم شيئًا من الأشياء سوى نكاح الإماء لواجد الطَّوْل إلى الحُرَّة، فأَحَلَّ ما حَرَّم مِن ذلك عند غلبته المحرم عليه له لقضاء لذة. فإن كان ذلك إجماعًا من الجميع فيما عدا نكاح الإماء لواجد الطول فمِثلُه في التحريم نكاحُ الإماء لواجد الطَّول: لا يحل له مِن أجل غلبة هوى سره فيها؛ لأنّ ذلك مع وجوده الطول إلى الحرة منه قضاء لذة وشهوة، وليس بموضع ضرورة تدفع ترخصه كالميتة للمضطر الذي يخاف هلاك نفسه فيترخص في أكلها ليحيي بها نفسه، وما أشبه ذلك من المحرمات اللواتي رخص الله لعباده في حال الضرورة والخوف على أنفسهم الهلاك منه ما حَرَّم عليهم منها في غيرها من الأحوال، ولم يرخص الله -تبارك وتعالى- لعبد في حرام لقضاء لذة. وفي إجماع الجميع على أنّ رجلًا لو غلبه هوى امرأة حرة أو أمةٍ أنها لا تحل له إلا بنكاح أو شراء على ما أذن الله به؛ ما يُوَضِّحُ فسادَ قولِ مَن قال: معنى الطول في هذا الموضع: الهوى، وأجاز لواجد الطَّول لحرة نكاح الإماء. فتأويلُ الآية إذ كان الأمر على ما وصفنا: ومَن لم يجد منكم سعةً مِن مال لنكاح الحرائر فلينكح مِمّا ملكت أيمانُكم».