للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٧٤٩٩ - قال قتادة بن دِعامة: إنّما أمر الله بنكاح الإماء المؤمنات لِمَن خشي العَنَت على نفسه، والعَنَتُ: الضيق، أي: لا يجد ما يَسْتَعِفُّ به، ولا يصبر؛ فيزني (١). (ز)

١٧٥٠٠ - قال مقاتل بن سليمان: {ذلك} التزويج للولائد {لمن خشي العنت منكم} يعني: الإثم في دينه، وهو الزِّنا (٢). (ز)

١٧٥٠١ - قال مالك بن أنس: ولا ينبغي لحُرِّ أن يتزوج أمَةً وهو يجد طَوْلًا لحُرَّة، ولا يتزوج أمَةً إذا لم يجد طَوْلًا لحُرَّة، إلا أن يخشى العَنَت؛ وذلك أنّ الله -تبارك وتعالى- قال في كتابه: {ومن لم يستطع منكم طولًا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات}، وقال: {ذلك لمن خشي العنت منكم}. قال مالك: والعَنَتُ: هو الزِّنا (٣) [١٦٢٧]. (ز)


[١٦٢٧] اختُلِف في معنى العنت في الآية على ثلاثة أقوال: أولها: أنّه الزِّنا. وثانيها: أنه الإثم. وثالثها: أنه الحدّ.
قال ابنُ جرير (٦/ ٦١٦) مُوَجِّهًا للأقوالِ: «الصواب من القول في قوله: {ذلك لمن خشي العنت منكم}: ذلك لمن خاف منكم ضررًا في دينه وبَدنِه، وذلك أنّ العنت هو ما ضرّ الرجل، يقال منه: قد عَنِتَ فلان فهو يَعْنَتُ عَنتًا. إذا أتى ما يَضرّه في دين أو دنيا، ومنه قول الله تبارك وتعالى: {ودُّوا ما عَنِتُّمْ}، ويقال: قد أعنتني فلان فهو يُعنِتني. إذا نالني بمضرة. وقد قيل: العنت: الهلاك. فالذين وجهوا تأويل ذلك إلى الزِّنا قالوا: الزِّنا ضَرَرٌ في الدين، وهو من العنت. والذين وجّهوه إلى الإثم قالوا: الآثام كلها ضرر في الدين، وهي من العنت. والذين وجهوه إلى العقوبة التي تعنته في بدنه من الحدّ فإنهم قالوا: الحدُّ مضرّة على بدن المحدود في دنياه، وهو من العنت. وقد عمّ الله بقوله: {لمن خشي العنت منكم} جميعَ معاني العنت».
وذَهَبَ ابنُ عطية (٢/ ٥٢٤) استنادًا إلى عموم لفظ الآية أنّ الآية تحتمل ذلك كله.
ورَجَّح ابنُ جرير (٦/ ٦١٦) أنّ المرادَ: الزنا؛ لأنّ مردّ ذلك كله إليه، استنادًا إلى لغة العرب، واتفاق أهل التأويل، فقال: «ويجمع جميعَ ذلك الزّنا؛ لأنه يوجب العقوبةَ على صاحبه في الدنيا بما يُعنِت بدنه، ويكتسب به إثمًا ومضرّة في دينه ودنياه. وقد اتفق أهلُ التأويل الذي هم أهله على أن ذلك معناه، فهو وإن كان في عينه لذةً وقضاءَ شهوة، فإنه بأدائه إلى العنت منسوبٌ إليه موصوف به؛ إذ كان للعنت سببًا».

<<  <  ج: ص:  >  >>