للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

افترقتما عن بيعٍ ولا تخاير (١). (ز)

١٧٥٨٠ - عن عامر الشعبي -من طريق إسماعيل بن سالم- أنّه كان يقول في البيِّعَيْن: إنّهما بالخيار ما لم يتفرقا، فإذا تصادرا فقد وجب البيعُ (٢). (ز)

١٧٥٨١ - عن عامر الشعبي -من طريق مُغيرة- أنّه أُتِي في رجل اشترى مِن رجل بِرْذَوْنًا، ووجب له، ثُمَّ إنّ المُبتاع ردَّه قبل أن يَتَفَرَّقا. فقضى أنّه قد وجب عليه. =

١٧٥٨٢ - فشهد عنده أبو الضحى أن شريحًا قضى في مثله أن يرده على صاحبه، فرجع الشعبيُّ إلى قضاء شريح (٣). (ز)

١٧٥٨٣ - عن ميمون بن مهران، قال: اشتريت من ابن سيرين سابريًّا، فسام عَلَيَّ سومَه، فقلتُ: أحسِن. فقال: إمّا أن تأخذ، وإمّا أن تدع. فأخذت منه، فلما زِنتُ الثَّمَنَ وضع الدراهم، فقال: اختر؛ إمّا الدراهم، وإما المتاع. فاخترتُ المتاعَ، فأخذته (٤). (ز)

١٧٥٨٤ - عن ابن جُرَيْج، قال: قلت لعطاء [بن أبي رباح]: المماسحة بيعٌ هي؟ قال: لا، حتى يُخَيِّره التخيير بعدما يجب البيع؛ إن شاء أخذ، وإن شاء ترك (٥) [١٦٣٤]. (ز)


[١٦٣٤] اختُلِف في معنى التراضي في التجارة على قولين: أحدهما: هو أن يخير أحدهما صاحبه بَعد العقد وقبل الافتراق في إمضاء البيع أو نقضه، أو يتفرّقا عن مجلسهما بأبدانهما عن تراضٍ منهما بالعقد الذي تعاقداه بينهما. وهو قول شريح، وابن سيرين، والشعبيّ. والآخر: أن التراضي هو أن يكون العقد ناجزًا، وإن لم يتخايرا بعده، أو يفترقا عن مجلسهما بالأبدان. وهو قول مالك، وأبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد.
ورجَّحَ ابنُ جرير (٦/ ٦٣٦ - ٦٣٧ بتصرف) القولَ الأولَ استنادًا إلى السّنّة، والدلالة العقلية، فقال مُعَلِّلًا اختياره: «لصحة الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، أو يكون بيعَ خيار»، وربما قال: «أو يقول أحدهما للآخر: اختر». فإذ كان ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صحيحًا فليس يخلو قولُ أحد المتبايعين لصاحبه: اختر. مِن أن يكون قبل عقد البيع، أو معه، أو بعده. فإن يكن قبله فذلك الخَلْف من الكلام الذي لا معنى له؛ لأنه لم يملك قبل عقد البيع أحدُ المتبايعين على صاحبه ما لم يكن له مالكًا فيكون لتخييره صاحبه فيما مَلك عليه وجه مفهوم، ولا فيهما من يجهلُ أنه بالخيار في تمليك صاحبه ما هو لهُ غير مالك بعِوَض يعتاضُه منه، فيقال له: أنت بالخيار فيما تريدُ أن تحدثه من بيع أو شراء. أو يكون -إذْ بطل هذا المعنى- تخيير كلِّ واحد منهما صاحبه مع عقد البيع. ومعنى التخيير في تلك الحال نظيرُ معنى التخيير قبلها؛ لأنها حالة لم يَزُل فيها عن أحدهما ما كان مالكه قبل ذلك إلى صاحبه فيكون للتخيير وجه مفهوم، أو يكون ذلك بعد عقد البيع إذْ فَسد هذان المعنيان. وإذْ كان ذلك كذلك صحَّ أنّ المعنى الآخر من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - -أعني قوله: «ما لم يتفرقا» - إنما هو التفرّق بعد عقد البيع كما كان التخيير بعده. وإذْ صحّ ذلك فسد قولُ مَن زعم أنّ معنى ذلك إنما هو التفرق بالقول الذي به يكون البيع. وإذ فسد ذلك صحَّ ما قلنا مِن أنّ التخيير والافتراق إنما هما معنيان بهما يكون تمام البيع بعد عقده».

<<  <  ج: ص:  >  >>