ومالَ ابنُ كثير (٣/ ٤٨٠) إلى القول الثامن، والتاسع. وذَهَبَ ابنُ جرير (٦/ ٦٥٧ - ٦٥٨) إلى أنّ الكبائر هي كلّ ما صحّ به الخبرُ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مستندًا إلى الأخبار المرفوعة في ذلك، فقال: «أوْلى ما قيل في تأويل الكبائر بالصِّحَّة: ما صحَّ به الخبرُ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دون ما قاله غيره، وإن كان كل قائل فيها قولًا من الذين ذكرنا أقوالَهم قد اجتهد، وبالغ في نفسه، ولقوله في الصحة مذهبٌ. فالكبائر إذن: الشرك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس المحرّم قتلها، وقول الزور، وقد يدخل في قولِ الزور شهادةُ الزور، وقذف المحصنة، واليمين الغموسُ، والسحر، ويدخل في قتلِ النفس المحرَّم قتلها قتلُ الرجل ولده من أجل أن يطعم معه، والفرارُ من الزحف، والزنا بحليلة الجار. وإذْ كان ذلك كذلك صحَّ كلُّ خبر رُوي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في معنى الكبائر، وكان بعضه مصدِّقًا بعضًا، وذلك أنّ الذي روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: «هي سبع» يكون معنى قوله حينئذ: «هي سبع» على التفصيل. ويكون معنى قوله في الخبر الذي روي عنه أنّه قال: «هي الإشراك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين، وقول الزور» على الإجمال؛ إذ كان قوله: «وقول الزور» يحتمل معاني شتى، وأن يجمعَ جميعَ ذلك قول الزور».