ورجَّحَ ابنُ جرير (٦/ ٦٨٢)، وابنُ عطية (٢/ ٥٣٩) أنّ الآية نزلت في أهل العقد بالحلف، وانتَقَدا الأقوالَ الأخرى استنادًا إلى مخالفتها ظاهر الآية، وأحوال النزول، فقال ابنُ عطية: «لفظة المعاقدة والأيمان ترجح أنّ المرادَ: الأحلاف؛ لأنّ ما ذكر من غير الأحلاف ليس في جميعه معاقدة ولا أيمان». وقال ابنُ جرير: «وذلك أنّه معلومٌ عند جميع أهل العلم بأيام العرب وأخبارها أنّ عقد الحلف بينها كان يكون بالأيمان والعهود والمواثيق». وذَهَبَ ابنُ كثير (٤/ ١٠) إلى ذلك أيضًا. ورجَّحَ ابنُ جرير (٦/ ٦٨٢ - ٦٨٦ بتصرف) القولَ الثالثَ، وهو أنّ الآية محكمة، والمراد بالنصيب فيها: النصرة والنصيحة والوصية دون الميراث، مستندًا إلى السُّنَّة، وعدم الدليل على النسخ، فقال: «وذلك لصحة الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: «لا حِلْف في الإسلام، وما كان من حِلْف في الجاهلية فلم يزده الإسلام إلا شدة». فإذ كان ما ذكرنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صحيحًا، وكانت الآية إذا اختُلِف في حكمها منسوخ هو أم غير منسوخ؛ غير جائز القضاء عليه بأنه منسوخ -مع اختلاف المختلفين فيه، ولوجوب حكمها، ونفي النسخ عنه وجه صحيح- إلا بحجة يجب التسليم لها». ورجَّحَ ابن كثير (٤/ ٢٠) القولَ الأولَ، وهو أنّ الآية منسوخة، والمراد بالنصيب فيها: الميراث. واسْتَدْرَكَ على ابن جرير مستندًا إلى بعض آثار السلف، فقال: «هذا الذي قاله فيه نظر؛ فإنّ من الحِلْف ما كان على المناصرة والمعاونة، ومنه ما كان على الإرث، كما حكاه غير واحد من السلف، وكما قال ابن عباس: كان المهاجري يرِثُ الأنصاريَّ دون قراباته وذوي رحمه، حتى نسخ ذلك، فكيف يقول: إن هذه الآية محكمة غير منسوخة؟!».