للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٨٢١٦ - فقال أبو مسعود الأنصاري: هكذا سمعتُ مِن فِي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١). (٤/ ٤٤٧)

١٨٢١٧ - عن سعيد بن جبير، قال: جاء رجلٌ إلى عبد الله بن عباس، فقال: أرأيتَ أشياءَ تختَلِفُ عَلَيَّ في القرآن؟ فقال ابن عباس: ما هو؟ أشكٌّ في القرآن؟! قال: ليس بشَكٍّ، ولكِنَّه اختلافٌ. قال: هاتِ ما اختلف عليك من ذلك. قال: أسمعُ اللهَ يقول: {ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين} [الأنعام: ٢٣]، وقال: {ولا يكتمون الله حديثا}، فقد كتموا. وأسمعُه يقول: {فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون} [المؤمنون: ١٠١]، ثم قال: {وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} [الصافات: ٢٧]. وقال {أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض} حتى بلغ: {طائعين} [فصلت: ٩ - ١١]، فبدأ بخلق الأرض في هذه الآية قبل خَلْق السماء، ثم قال في الآية الأخرى: {أم السماء بناها} [النازعات: ٢٧]، ثم قال: {والأرض بعد ذلك دحاها} [النازعات: ٣٠]، فبدأ بخلق السماء في هذه الآية قبل خلق الأرض. وأسمعُه يقول: {وكان الله عزيزا حكيما} [النساء: ١٥٨]، {وكان الله غفورا رحيما} [النساء: ٩٦]، {وكان الله سميعا بصيرا} [النساء: ١٣٤]، فكأنه كان ثم مضى -وفي لفظ: ما شأنه يقول: {وكان الله}؟ -. فقال ابن عباس: أمّا قوله: {ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين} فإنّهم لَمّا رَأَوا يومَ القيامة، وأنّ الله يغفر لأهل الإسلام، ويغفر الذنوب، ولا يغفر شِرْكًا، ولا يتعاظمه ذنبٌ أن يغفره؛ جحده المشركون رجاءَ أن يُغفَر لهم، فقالوا: {والله ربنا ما كنا مشركين}، فختم اللهُ على أفواههم، وتكلَّمت أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون، فعند ذلك {يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا}. وأمّا قوله: {فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون} فهذا في النفخة الأولى، {ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله} فلا أنساب بينهم عند ذلك ولا يتساءلون، {ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون} [الزمر: ٦٨]، وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون. وأمّا قوله: {خلق الأرض في يومين}، فإنّ الأرض خُلِقت قبل السماء، وكانت السماء دخانًا، فسوّاهُنَّ سبع سموات في يومين بعد خلق الأرض، وأمّا قوله: {والأرض بعد ذلك دحاها}، يقول: جعل فيها جبلًا، جعل فيها نهرًا، جعل فيها شجرًا، وجعل فيها بحورًا. وأمّا قوله: {وكان الله} فإنّ الله كان ولم يزل كذلك، وهو كذلك عزيز حكيم، عليم قدير، ثم لم يزل كذلك. فما اختلف عليك مِن القرآن فهو يُشبِه ما ذكرتُ لك، وإنّ الله لم ينزل شيئًا إلا وقد أصاب به


(١) أخرجه مسلم ٣/ ١١٩٥ (١٥٦٠)، وابن أبي حاتم ٣/ ٩٥٧ (٥٣٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>