للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَن قتل أو أشرك أو زنى {يَلْقَ أثامًا * يُضاعَفْ لَهُ العَذابُ يَوْمَ القِيامَةِ ويَخْلُدْ فِيهِ مُهانًا} [الفرقان: ٦٨ - ٦٩]، وأنا صنعتُ ذلك؟! فهل تجد لي مِن رخصةٍ؟ فأنزل الله: {إلّا مَن تابَ وآمَنَ وعَمِلَ عَمَلًا صالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وكانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: ٧٠]، فقال وحشي: هذا شرط شديد؛ {إلّا مَن تابَ وآمَنَ وعَمِلَ عَمَلًا صالِحًا}، فلعلِّي لا أقدِرُ على هذا. فأنزل الله: {إنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بِهِ ويَغْفِرُ ما دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشاءُ}. فقال وحشيٌّ: هذا أرى بعد مشيئة، فلا أدري يَغفر لي أم لا، فهل غير هذا؟ فأنزل الله: {يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا عَلى أنْفُسِهِمْ} الآية [الزمر: ٥٣]. قال وحْشِيٌّ: هذا، نعم. فأسلم، فقال الناس: يا رسول الله، إنّا أصَبْنا ما أصابَ وحْشِيٌّ. قال: «هي للمسلمين عامَّة» (١). (١٢/ ٦٧٢)

١٨٥٣٢ - قال محمد بن السائب الكلبي في قوله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به}: نزلت في وحشيِّ بن حرب وأصحابه، وذلك أنّه لَمّا قتل حمزةَ كان قد جُعِل له على قتله أن يُعْتَق، فلم يُوفَ له بذلك، فلمّا قدِم مكة نَدِم على صنيعه هو وأصحابُه، فكتبوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنّا قد ندِمنا على الذي صنعنا، وإنّه ليس يمنعنا عن الإسلام إلا أنّا سمعناك تقول وأنت بمكة: {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر} الآيات [الفرقان: ٦٨]، وقد دعونا مع الله إلهًا آخر، وقتلنا النفس التي حرم الله، وزنينا، فلولا هذه الآيات لاتَّبعناك. فنزلت: {إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا} الآيتين [الفرقان: ٧٠ - ٧١]. فبعث بهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم، فلمّا قرأوا كتبوا إليه: إنّ هذا شرط شديدٌ، نخاف أن لا نعمل عملًا صالحًا. فنزل: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}. فبعث بها إليهم، فبعثوا إليه: إنّا نخاف أن لا نكون من أهل المشيئة. فنزلت: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله} [الزمر: ٥٣]. فبعث بها إليهم، فدخلوا في الإسلام، ورجعوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقَبِل منهم، ثم قال لوَحْشِيٍّ: أخبِرْني كيف قتلتَ حمزةَ؟ فلمّا أخبره قال: «ويْحَكَ، غيِّبْ وجهَك عَنِّي». فلَحِق وحْشِيٌّ بالشام، فكان بها إلى أن مات (٢). (ز)


(١) أخرجه الطبراني في الكبير ١١/ ١٩٧ (١١٤٨٠)، وابن عساكر في تاريخه ٦٢/ ٤١٣، والثعلبي ٨/ ٢٤١. وعزاه السيوطي إلى ابن مردويه.
قال الهيثمي في المجمع ٧/ ١٠١ (١١٣١٤): «رواه الطبراني في الأوسط، وفيه أبين بن سفيان، ضعَّفه الذهبي». وذكر السيوطي أنّ سنده لين.
(٢) تفسير الثعلبي ٣/ ٣٢٤، وتفسير البغوي ٢/ ٢٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>