وقد رَجَّح ابنُ جرير (٧/ ١٣٣) العمومَ في معنى الفتيل، وأنّه يشمل القولين، مستندًا إلى اللغة، فقال: «وأصل الفتيل: المفتول، صُرِف من مفعول إلى فعيل، كما قيل: صريع، ودهين، من: مصروع، ومدهون. وإذ كان ذلك كذلك، وكان الله -جل ثناؤه- إنّما قصد بقوله: {ولا يظلمون فتيلا} الخبرَ عن أنّه لا يظلم عباده أقلَّ الأشياء التي لا خطر لها، فكيف بما له خطر؟!، وكان الوسخ الذي يخرج من بين أصبعي الرجل أو من بين كفيه إذا فتل إحداهما على الأخرى كالذي هو في شق النواة وبطنها، وما أشبه ذلك من الأشياء التي هي مفتولة مما لا خطر له ولا قيمة؛ فواجبٌ أن يكون كلُّ ذلك داخلًا في معنى الفتيل، إلا أن يُخْرِجَ شيئًا من ذلك ما يجب التسليم له مِمّا دَلَّ عليه ظاهر التنزيل». وذكر ابنُ عطية (٢/ ٥٧٩) القولين، ثُمَّ علّق عليهما قائلًا: «وهذا كله يرجع إلى الكناية عن تحقير الشيء وتصغيره، وأنّ الله لا يظلمه، ولا شيء دونه في الصغر، فكيف بما فوقه؟!». وعَلَّق ابنُ كثير (٤/ ١١٥) عليهما بقوله: «وكلا القولين متقارب».