للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهجائه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَن لنا مِن ابن الأشرف؛ قد استعلن بعداوتنا وهجائنا، وخرج إلى قريش فأجمعهم على قتالنا، قد أخبرني الله - عز وجل - بذلك، ثم قدم على أخبث ما كان ينتظر قريشًا أن يقدم فيقاتلنا معهم». ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المسلمين ما أنزل الله فيه: {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا}، وآيات في قريش معها (١). (ز)

١٨٦٠٩ - قال محمد بن السائب الكلبي في قوله: {ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا}: هم قوم من اليهود، أتوا مكة، فسألتهم قريش وأناسٌ من غطفان، فقالت قريش: نحن نعمر هذا المسجد، ونحجب هذا البيت، ونسقي الحاج، أفنحن أمْثَلُ أم محمد وأصحابه؟ فقالت اليهود: بل أنتم أمْثَلُ. فقال عيينة بن حصن وأصحابه الذين معه: أمّا قريش فقد عَدُّوا ما فيهم ففُضِّلوا على محمد وأصحابه. فناشدوهم: أنحن أهدى أم محمد وأصحابه؟ فقالوا: لا، واللهِ، بل أنتم أهدى. فقال الله: {أولئك الذين لعنهم الله} الآية (٢). (ز)

١٨٦١٠ - قال مقاتل بن سليمان: {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب}، وذلك أنّ كعب بن الأشرف اليهودي -وكان عربيًّا مِن طيِّءٍ- وحُيَيَّ بن أخطب انطلقا في ثلاثين من اليهود إلى مكة بعد قتال أحد، فقال أبو سفيان بن حرب: إنّ أحب الناس إلينا مَن يُعيننا على قتال هذا الرجل، حتى نَفْنى أو يَفْنَوا. فنزل كعب على أبى سفيان، فأحسن مثواه، ونزلت اليهود في دُور قريش، فقال كعب لأبي سفيان: لِيَجِئْ منكم ثلاثون رجلًا، ومِنّا ثلاثون رجلًا، فنُلْصِق أكبادنا بالكعبة، فنعاهد رب هذا البيت لَنَجْتَهِدَنَّ على قتال محمد. ففعلوا ذلك، قال أبو سفيان لكعب بن الأشرف: أنت امرؤٌ مِن أهل الكتاب، تقرأ الكتاب، فنحن أهدى أم ما عليه محمد؟ فقال: إلام يدعوكم محمد؟ قال: إلى أن نعبد الله، ولا نشرك به شيئًا. قال: فأخبروني ما أمركم؟ وهو يعلم ما أمرُهم، قالوا: نَنْحَرُ الكَوْماء، ونَقْرِي الضيف، ونَفُكُّ العاني -يعني: الأسير-، ونسقي الحجيج الماء، ونعمر بيت ربنا، ونصل أرحامنا، ونعبد إلهنا، ونحن أهل الحرم. فقال كعب: أنتم -واللهِ- أهدى


(١) أخرجه البيهقي في دلائل النبوة ٣/ ١٩٠ - ١٩٢.
(٢) ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ١/ ٣٧٩ - .

<<  <  ج: ص:  >  >>