وبعد حكاية ابن جرير (٧/ ٣٢٧) الإجماع على أنها مائة من الإبل، والإجماع على أنها لا تقل ولا تزيد عن السن المقدر لها شرعًا، رجَّح مستندًا إلى الإطلاق وعدم التحديد أنّ المُجْزِئ في دية قتل الخطأ أيُّ سنٍّ من هذه الأسنان، وعلل ذلك بقوله: «لأنّ الله -جلَّ ذِكْره- لم يَحُدَّ ذلك بحدٍّ لا يجاوزه ولا يُقَصِّر عنه، ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم -، إلا ما ذَكَرْتُ من إجماعهم فيما أجمعوا عليه؛ لأنه ليس للإمام مجاوزة ذلك في الحكم بتقصير ولا زيادة، وله التَّخَيُّر فيما بين ذلك بما رأى الصلاح فيه للفريقَيْن». وقد ذكر ابنُ جرير قول مكحول بأنّ عاقلة القاتل إن كانت من أهل الذهب فالواجب أن يقوَّم في كل زمان قيمة مائة من الإبل، وذكر قول علماء الأمصار واختاره بأنّ عاقلة القاتل إن كانت من أهل الذهب فإن لورثة القتيل عليهم ألف دينار في كلّ زمان، وبيَّن ابنُ جرير وجهة هذا القول مستندًا إلى الإجماع، والدلالة العقلية، فقال: «وأما الذين أوجبوها في كل زمان على أهل الذهب ذهبًا ألف دينار، فقالوا: ذلك فريضة فرضها الله على لسان نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -، كما فرض الإبل على أهل الإبل. قالوا: وفي إجماع علماء الأمصار في كل عصر وزمان، إلا من شَذَّ عنهم، على أنها لا تُزاد على ألف دينار، ولا تنقص عنها؛ أوضحُ الدليل على أنها الواجبة على أهل الذهب، وجوبَ الإبل على أهل الإبل؛ لأنها لو كانت قيمة المائة من الإبل لاختلف ذلك بالزيادة والنقصان لتَغَيُّر أسعار الإبل».