للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد كان على اعتقاد السلف أهل السُّنَّة والجماعة، شارحًا له، داعيًا إليه، وكتبه في تقرير ذلك كثيرة مشهورة.

وكان من علماء الحنابلة فقهًا وتدريسًا، مع غير التزام بالتقليد إذا بان له الدليل، وهو في هذا على ما كان عليه شيخه ابن تيمية، كما حكى عنه فقال: "وقد أنكر بعض المقلدين على شيخ الإسلام في تدريسه بمدرسة ابن الحنبلي، وهي وقف على الحنابلة، والمجتهد ليس منهم. فقال: إنما أتناول ما أتناوله منها على معرفتي بمذهب أحمد، لا على تقليدي له" (١)، وقال: "كثيرًا ما ترد المسألة نعتقد فيها خلاف المذهب، فلا يسعنا أن نفتي بخلاف ما نعتقده، فنحكي المذهب الراجح ونرجحه، ونقول هذا هو الصواب" (٢).

وقد بورك له فى التصنيف، فقاربت مصنفاته مئة مصنف، واشتهرت وانتشرت، قال ابن رجب (ت: ٧٩٥ هـ): "صنف تصانيف كثيرةً جدًّا في أنواع العلم" (٣)، وقال ابن حجر (ت: ٨٥٢ هـ): "وكل تصانيفه مرغوب فيها بين الطوائف" (٤)، ومن أشهرها: مفتاح دار السعادة، وزاد المعاد في هدي خير العباد، وروضة المحبين، وبدائع الفوائد، وتهذيب مختصر سنن أبي داود، والفروسية. وهذه الستة السابقة ألفها في حال سفره، وبعده عن مكتبته، وكتب أيضًا: إعلام الموقعين عن رب العالمين، وأحكام أهل الذمة، والروح، وحادي الأرواح، وغيرها كثير (٥).

وكتب في علوم القرآن: التبيان في أيمان القرآن، وأمثال القرآن، وقصد إلى تفسير "المعوذتين" وسورة "الكافرون"، وله مباحث وتحقيقات في مسائل من علوم القرآن، وتفسير لجملة من الآيات، جمعت في أكثر من مصنف؛ من أجمعها: بدائع التفسير الجامع لما فسره الإمام ابن القيم الجوزية (٦).

وقد كثرت عبارات العلماء في الثناء عليه، وبيان مكانة علمه وفضله، قال المزي (ت: ٧٤٢ هـ): "هو في هذا الزمان كابن خزيمة في زمانه" (٧)، وقال ابن حجر (ت: ٨٥٢ هـ): "كان جريء الجنان، واسع العلم، عارفًا بالخلاف ومذاهب السلف" (٨)، وقال


(١) إعلام الموقعين ٢/ ١٧٠.
(٢) إعلام الموقعين ٤/ ١٣٥.
(٣) ذيل طبقات الحنابلة ٥/ ١٧٤.
(٤) الدرر الكامنة ٥/ ١٣٩.
(٥) ينظر: ابن قيم الجوزية حياته آثاره موارده ص ١٨٥، ١٩٧.
(٦) المرجع السابق، وينظر: بدائع التفسير ١/ ٥، ٣/ ٣٨٠، ٣٨٦.
(٧) الرد الوافر ص ٦٨.
(٨) الدرر الكامنة ٥/ ١٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>