للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مصر يسأله الميرة، فقال خليله: لو كان إبراهيم إنما يريد لنفسه احتملنا ذلك له، وقد دخل علينا ما دخل على الناس من الشدة. فرجع رسل إبراهيم، فمرُّوا ببطحاء، فقالوا: لو احتملنا مِن هذه البطحاء ليرى الناس أنّا قد جئنا بالميرة، إنا نستحيي أن نمر بهم وإبلنا فارغة. فملأوا تلك الغَرائِرَ (١) رملًا، ثم إنهم أتوا إبراهيم - عليه السلام - وسارة نائمة، فأعلموه ذلك، فاهتم إبراهيم - عليه السلام - لمكان الناس، فغلبته عيناه، فنام، واستيقظت سارة، فقامت إلى تلك الغرائر، ففتحتها، فإذا هو أجود حُوّارى (٢) يكون، فأمرت الخبّازين، فخبزوا، وأطعموا الناس، واستيقظ إبراهيم - عليه السلام -، فوجد ريح الطعام، فقال: يا سارةُ، مِن أين هذا الطعام؟ قالت: مِن عند خليلك المصري. فقال: بل مِن عند خليلي الله، لا من عند خليلي المصري. فيومئذ اتخذه الله خليلًا (٣) [١٨٦٦]. (ز)

٢٠٤٠٣ - عن ابن أبزى، قال: دخل إبراهيم - عليه السلام - منزله، فجاءه ملك الموت في صورة شابٍّ لا يعرفه، فقال له إبراهيم: بإذن مَن دخلت؟ قال: بإذن رب المنزل. فعرفه إبراهيم، فقال له ملك الموت: إن ربك اتَّخذ مِن عباده خليلًا. قال إبراهيم: ومَن ذلك؟ قال: وما تصنع به؟ قال: أكون خادمًا له حتى أموت. قال: فإنّه أنت. [قال]: وبأي شيء اتخذني خليلًا؟ قال: بأنك تحب أن تعطي ولا تأخذ (٤). (٥/ ٥٨)


[١٨٦٦] انتَقَد ابنُ عطية (٣/ ٣١) هذا القول مستندًا إلى دلالة العقل، والسنة، فقال: «وفي هذا ضعف، ولا تقتضي هذه القصة أن يُسَمّى بذلك اسمًا غالبًا، وإنما هو شيء شرّفه الله به كما شرَّف محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، فقد صح في كتاب مسلم وغيره: أنّ الله اتخذه خليلًا».
وانتقده ابنُ كثير (٣/ ٢٩٢ - ٢٩٣) مستندًا لعدم الجزم بصحة القصة، ودلالة السنة، فقال: «وفي صحة هذا ووقوعه نظر، وغايته أن يكون خبرًا إسرائيليًّا لا يُصَدَّق ولا يُكَذَّب، وإنّما سُمِّي خليل الله لشدة محبة ربه - عز وجل - له، لما قام له من الطاعة التي يحبها ويرضاها، ولهذا ثبت في الصحيحين، من حديث أبي سعيد الخدري: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما خطبهم في آخر خطبة خطبها قال: «أما بعد، أيها الناس، فلو كنت متخذًا من أهل الأرض خليلًا لاتخذت أبا بكر بن أبي قحافة خليلًا، ولكن صاحبكم خليل الله»».

<<  <  ج: ص:  >  >>