وعلَّقَ ابنُ عطية (٣/ ٨٣) قائلًا: «كأنه قال: أحلت لكم الأنعام. فأضاف الجنس إلى أخص منه». ثم قال (٣/ ٨٤): «وقد خلط الناس في هذا الموضع في نصب {غَيْرَ}، وقَدَّروا فيها تقديمات وتأخيرات، وذلك كله غير مَرْضِيٍّ؛ لأن الكلام على اطِّرادِه متمكن استثناء بعد استثناء». [١٩٢٥] علَّقَ ابنُ جرير (٨/ ١٨) على هذا القول بقوله: «{غَيْرَ} على قول هؤلاء منصوب على الحال من الكاف والميم اللَّتَيْنِ في قوله: {لَكُم}، بتأويل: أُحِلَّت لكم أيُّها الذين آمنوا بهيمة الأنعام، لا مُسْتَحِلِّي اصطيادها في حال إحرامكم». وعلَّقَ ابنُ عطية (٣/ ٨٣) عليه أيضًا، فقال: «هذا قول حسن؛ وذلك أنّ الأنعام هي الثمانية الأزواج، وما انضاف إليها من سائر الحيوان يقال له أنعام بمجموعه معها، وكأن المفترس من الحيوان كالأسد وكل ذي ناب قد خرج عن حدِّ الأنعام، فصار له نظرٌ ما، فـ» بهيمة الأنعام «هي الراعي من ذوات الأربع، وهذه -على ما قيل- إضافة الشيء إلى نفسه؛ كدار الآخرة، ومسجد الجامع، وما هي عندي إلا إضافة الشيء إلى جنسه. وصَرَّح القرآن بتحليلها، واتفقت الآية وقول النبي - عليه السلام -: «كل ذي ناب من السباع حرام». ويؤيد هذا المنزع الاستثناءان بعدُ؛ إذ أحدهما استثني فيه أشخاص نالتها صفات ما، وتلك الصفات واقعات كثيرًا في الراعي من الحيوان. والثاني استثنى فيه حال للمخاطبين وهي الإحرام والحرم. والصيد لا يكون إلا من غير الثمانية الأزواج، فترتب الاستثناءان في الراعي من ذوات الأربع».