الماء على لِحاهُما، ولم أرَ واحدًا منهما خَلَّل لحيته (١). (ز)
٢١٧٣٩ - عن مُغيرة [بن مِقسم]-من طريق سفيان- في تخليل اللحية، قال: يُجْزِيك ما مَرَّ على لحيتك (٢). (ز)
٢١٧٤٠ - عن أبي عمرو [الأوزاعي]-من طريق الوليد-: ليس عَرْكُ العارِضَيْن وتَشْبِيك اللحية بواجب في الوضوء (٣)[١٩٨٩]. (ز)
[١٩٨٩] رجَّحَ ابن جرير (٨/ ١٨١ - ١٨٣) أنّ الوجه الذي أمر الله بغسله القائمَ إلى صلاته: كلُّ ما انحدر عن منابت شَعَر الرأس إلى مُنقطع الذَّقَن طولًا، وما بين الأذنين عرضًا مما هو ظاهر لعين الناظر، دون ما بَطَن من الفم والأنف والعين، ودون ما غَطّاه شعَر اللحية والعارضين والشاربين فستره عن أبصار الناظرين، ودون الأذنين، مستندًا إلى اللغة، ودلالة العقل بالقياس، والإجماع، وقال مُبيِّنًا ذلك: «إنما قلنا: ذلك أوْلى بالصواب -وإن كان ما تحت شعَر اللحية والشاربين قد كان وجهًا يجب غسله قبل نبات الشعر الساتر عن أعين الناظرين على القائم إلى صلاته-؛ لإجماع جميعهم على أن العينين من الوجه، ثم هم -مع إجماعهم على ذلك- مجمعون على أن غسلَ ما علاهما من أجفانهما دون إيصال الماء إلى ما تحت الأجفان منهما مُجْزِئٌ. فإذا كان ذلك منهم إجماعًا بتوقيف الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمته على ذلك، فنظير ذلك كل ما علاه شيء من مواضع الوضوء من جسد ابن آدم من نفس خلقه ساتِرَه لا يصل الماء إليه إلا بكلفة ومؤنة وعلاج، قياسًا لما ذكرنا من حكم العينين في ذلك. فإذا كان ذلك كذلك فلا شكَّ أن مثلَ العينين في مؤنة إيصال الماء إليهما عند الوضوء ما بطن من الأنف والفم وشَعَر اللحية والصدغين والشاربين، لأن كل ذلك لا يصل الماء إليه إلا بعلاجٍ لإيصال الماء إليه نحو كلفة علاج الحَدقَتَيْن لإيصال الماء إليهما أو أشدّ. وإذا كان ذلك كذلك، كان بيِّنًا أنّ غسل مَن غسل من الصحابة والتابعين ما تحت منابت شعر اللحية والعارضين والشاربين، وما بطن من الأنف والفم، إنّما كان إيثارًا منه لأشَقِّ الأمرين عليه: من غسل ذلك، وترك غسله، كما آثر ابنُ عمر غَسْلَ ما تحت أجفان العينين بالماء بصبِّه الماء في ذلك، لا على أنّ ذلك كان عليه عنده فرضًا واجبًا. فأمّا مَن ظَنَّ أنّ ذلك مِن فعلهم كان على وجه الإيجاب والفرض، فإنّه خالف في ذلك بقوله منهاجَهم، وأغفل سبيلَ القياس؛ لأن القياس هو ما وصفنا من تمثيل المُخْتَلف فيه من ذلك، بالأصل المجمع عليه من حكم العينين، وأن لا خبر عن واحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوجب على تارك إيصال الماء في وضوئه إلى أصول شعر لحيته وعارضيه، وتارك المضمضة والاستنشاق إعادةَ صلاته إذا صَلّى بطُهره ذلك. ففي ذلك أوضح الدليل على صحة ما قلنا: من أن فعلهم ما فعلوا من ذلك كان إيثارًا منهم لأفضل الفِعْلَيْن من التَّرْك والغَسْل. فإن ظَنَّ ظانٌّ أنّ في الأخبار التي رُوِيت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إذا توضأ أحدكم فليستنثر»، دليلًا على وجوب الاستنثار، فإنّ في إجماع الحجة على أن ذلك غيرُ فرض واجب يجب على من تَرَكه إعادة الصلاة التي صلاها قبل غسله، ما يُغْنِي عن إكثار القول فيه. وأما الأذنان فإنّ في إجماع جميعهم على أنّ ترك غسلهما، أو غسل ما أقبل منهما مع الوجه، غيرُ مفسد صلاةَ من صلّى بطُهْرِه الذي ترك فيه غسلهما -مع إجماعهم جميعًا على أنّه لو ترك غسل شيء مما يجب عليه غسله من وجهه في وضوئه أنّ صلاته لا تجزئه بطهوره ذلك- ما يُنبِئُ عن أنّ القول في ذلك ما قاله أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي ذكرنا قولهم: إنهما ليسا من الوجه، دون ما قاله الشعبي».