ورجَّحَ ابنُ جرير (٨/ ١٢١ - ١٢٢)، وابنُ عطية (٣/ ١٢٣) القولَ الأول، استنادًا إلى السياق، قال ابن جرير: «وإنما قلنا: ذلك أوْلى بالصواب مِن قولِ مَن قال: عنى به: الميثاق الذي أخذ عليهم في صلب آدم -صلوات الله عليه-؛ لأن الله -جَلَّ ثناؤه- ذَكرَ بعَقِب تذكرة المؤمنين ميثاقَه الذي واثقهم به، ميثاقَه الذي واثق به أهل التوراة بعد ما أنزل كتابه على نبيه موسى - صلى الله عليه وسلم - فيما أمرهم به ونهاهم فيها، فقال: {ولَقَدْ أخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إسْرائِيلَ وبَعَثْنا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا} الآيات بعدها [المائدة: ١٢ - ١٣]، مُنبِّهًا بذلك أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محمد على مواضع حظوظهم من الوفاء لله بما عاهدهم عليه، ومعرِّفَهم سوءَ عاقبة أهل الكتاب في تضييعهم ما ضيعوا من ميثاقه الذي واثقهم به في أمره ونهيه، وتعزير أنبيائه ورسله، زاجرًا لهم عن نكث عهودهم، فيُحِلّ بهم ما أحلَّ بالناكثين عهوده من أهل الكتاب قبلهم. فكان -إذْ كان الذي ذكرهم فوعظهم به ونهاهم عن أن يركبوا من الفعل مثلَه، ميثاقَ قوم أخذ ميثاقهم بعد إرسال الرسول إليهم وإنزال الكتاب عليهم- واجبًا أن يكون الحال التي أخذ فيها الميثاق والموعوظين، نظيرَ حال الذين وعظوا بهم. وإذا كان ذلك كذلك كان بَيِّنًا صحة ما قلنا في ذلك، وفسادُ خلافه». وقال ابن عطية: «والقول الأول أرجح، وأليقُ بنمط الكلام». ويفهم أيضًا من كلام ابن تيمية (١/ ٤٥٥)، وابن كثير (٥/ ١٢٦) ميلهما إليه.