للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أدركوا أُمِر آدم أن يُنكِح قابيلَ أخت هابيل، وهابيل أخت قابيل، فقال آدم لامرأته الذي أُمِر به، فذكرته لابنيها، فرضي هابيل بالذي أُمِر به، وسخط قابيل؛ لأنّ أخته كانت أحسنهما، فقال: ما أمر الله بهذا قط، ولكن هذا عن أمرك، يا آدم. قال آدم: فقرِّبا قربانكما، فأيكما كان أحقَّ بها أنزل الله نارًا من السماء فأكلت القربان. فرضيا بذلك، فعمد هابيل -وكان صاحب ماشية- إلى خير غذاء غنمه وزبد ولبن، وكان قابيل زرّاعًا فأخذ من ثمر زرعه، ثم صعدا الجبل وآدم معهما، فوضعا القربان على الجبل، فدعا آدم ربه، وقال قابيل في نفسه: ما أدري أيقبل مني أم لا؟ لا ينكح هابيل أختي أبدًا، فنزلت النار، فأكلت قربان هابيل، وتجنَّبت قربان قابيل؛ لأنّه لم يكن زاكي القلب، فنزلوا من الجبل، فانطلق قابيل إلى هابيل وهو في غنمه، فقال: لأقتلنك. قال: لم؟ قال: لأنّ الله تقبَّل منك، وردَّ عليَّ قرباني، وتنكح أختي الحسنى، وأنكح أختك القبيحة، ويتحدث الناس بعد اليوم أنك خير مني. فقال له هابيل: {لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك} (١). (ز)

٢٢١٥٥ - قال مقاتل بن سليمان: {واتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالحَقِّ}. يقول: اتل عليهم حديث ابني آدم هابيل وقابيل، وذلك أنّ حواء ولدت في بطن واحد غلامًا وجارية؛ قابيل وإقليما، ثم ولدت في البطن الآخر غلامًا وجارية، هابيل وليوذا، وكانت أختُ قابيل أحسنَ من أخت هابيل، فلما أدركا قال آدم - عليه السلام -: ليتزوج كلُّ واحد منهما أختَ الآخر. قال قابيل: لكن يتزوج كلُّ واحد منهما أخته التي وُلدت معه. قال آدم - عليه السلام -: قرِّبا قربانًا، فأيما تُقبِّل قربانه كان أحقَّ بهذه الجارية، وخرج آدم - عليه السلام - إلى مكة، فعمد قابيل -وكان صاحبَ زرع- فقرّب أخبثَ زرعه؛ البُر المأكول فيه الزوان، وكان هابيل صاحب ماشية، فعمد فقرّب خير غنمه مع زبد ولبن، ثم وضعا القربان على الجبل، وقاما يدعوان الله - عز وجل -، فنزلت نار من السماء، فأكلت قربان هابيل، وتركت قربان قابيل، فحسده قابيل، فقال لهابيل: لأقتلنك. قال هابيل: يا أخي، لا تُلَطِّخ يدك بدم بريء فترتكب أمرًا عظيمًا، إنما طلبت رضا والدي ورضاك، فلا تفعل، فإنّك إن فعلت أخزاك الله بقتلك إيّاي بغير ذنب، ولا جرم، فتعيش في الدنيا أيام حياتك في شقوة ومخافة في الأرض، حتى تكون من الخوف والحزن أدقَّ من شعر رأسك، ويجعلك إلهي ملعونًا. فلم يزل يحاوره حتى


(١) ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ٢/ ٢٢ - .

<<  <  ج: ص:  >  >>