ورجَّح ابنُ جرير (٨/ ٣٣٠ - ٣٣٣) القول الأول الذي قاله ابن عباس، وعبد الله بن عمرو مستندًا إلى القرآن، والإسرائيليات، ودلالة العقل، فقال: «فأما الامتناع من قتله حين أراد قتله فلا دلالة على أنّ القاتل حين أراد قتله وعزم عليه كان المقتول عالِمًا بما هو عليه عازم منه، ومحاوِلٌ مِن قتله، فترك دفعه عن نفسه، بل قد ذكر جماعةٌ من أهل العلم أنه قتله غيلة؛ اغتاله وهو نائم، فشدخ رأسه بصخرة. فإذا كان ذلك ممكنًا، ولم يكن في الآية دلالة على أنه كان مأمورًا بترك منع أخيه من قتله؛ لم يكن جائزًا ادعاء ما ليس في الآية إلا ببرهان يجب تسليمه». وذكر أنّ قول المقتول لأخيه: {فتكون من أصحاب النار ... } دلالة على أن الله كان قد أمر ونهى، ووعد وأوعد بعد أن أهبط آدم إلى الأرض، وإلا لما قال ما قال. وكذا رجَّحه ابنُ عطية (٣/ ١٤٦)، ولم يذكر مستندًا، ثم قال: «ومَن هنا يقوى أنّ قابيل إنما هو عاصٍ لا كافر، لأنه لو كان كافرًا لم يكن للتحرج وجه، وإنما وجه التحرج في هذا أنّ المتحرج يأبى أن يُقاتل مُوَحِّدًا، ويرضى بأن يظلم ليجازى في الآخرة، ونحو هذا فعل عثمان بن عفان?». وقال ابنُ كثير (٥/ ١٦٧) معلِّقًا: «ولهذا ثبت في الصحيحين، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار». قالوا: يا رسول الله، هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: «إنّه كان حريصًا على قتل صاحبه»».