للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يعني: يهود المدينة، {سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ} يعني: قوّالون للكذب، منهم كعب بن الأشرف، وكعب بن أسيد، وأبو لبابة، وسعيد بن مالك، وابن صوريا، وكنانة ابن أبي الحقيق، وشاس بن قيس، وأبو رافع بن حريملة، ويوسف بن عازر ابن أبي عازب، وسلول بن أبي سلول، والبخام بن عمرو، وهم {سَمّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ} يعني: يهود خيبر، {لَمْ يَأْتُوكَ} يا محمد (١). (ز)

٢٢٤٦٦ - عن مقاتل بن حيان -من طريق بكير بن معروف- قوله: {سماعون للكذب} فهم يهود أهل قريظة والنضير، فيهم لبابة بن سَعَفَةَ، وكعب بن الأشرف، وسعيد بن عمرو، {سماعون لقوم آخرين} يهود خيبر، وذلك حين زنت المرأة (٢). (٥/ ٣٠٦)

٢٢٤٦٧ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين}، قال: لقوم آخرين لم يأتوك من أهل الكتاب، هؤلاء سماعون لأولئك القوم الآخرين الذين لم يأتوه، يقولون لهم الكذب: محمد كاذب، وليس هذا في التوراة، فلا تؤمنوا به (٣) [٢٠٨٥]. (ز)


[٢٠٨٥] ذكر ابنُ جرير (٨/ ٤٢٢) أنّ أهل التأويل اختلفوا في السماعين للكذب السماعين لقوم آخرين؛ فقال بعضُهم: {سماعون لقوم آخرين} يهود فدك، والقوم الآخرون الذين لم يأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهود المدينة. وقال آخرون: المعنيُّ بذلك قومٌ من اليهود، كان أهل المرأة التي بغت بعثوا بهم يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحكم فيها، والباعثون بهم هم القوم الآخرون، وهم أهل المرأة الفاجرة، لم يكونوا أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ثم ذَهَبَفي هذا إلى أنّ السماعين للكذب هم السماعون لقوم آخرين. مستندًا في ذلك إلى قول ابن زيد، فقال: «وأَوْلى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قولُ مَن قال: إنّ السماعين للكذب هم السماعون لقوم آخرين. وقد يجوز أن يكون أولئك كانوا من يهود المدينة والمسموع لهم من يهود فدك، ويجوز أن يكونوا كانوا من غيرهم. غير أنه أيّ ذلك كان فهو من صفة قومٍ من يهود سمعوا الكذب على الله في حكم المرأة التي كانت بَغَتْ فيهم وهي محصنة، وأنّ حكمها في التوراة التحميم والجلد، وسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحكم اللازم لها، وسمعوا ما يقول فيها قوم المرأة الفاجرة قبل أن يأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محتكمين إليه فيها، وإنما سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك لهم ليعلموا أهل المرأة الفاجرة ما يكون من جوابه لهم، فإن لم يكن من حكمه الرجم رضوا به حكما فيهم، وإن كان من حكمه الرجم حذروه وتركوا الرضا به وبحكمه».
وذكر ابنُ عطية (٣/ ١٦٨ - ١٦٩) أنّ المعنى في قوله: {سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ} يحتمل أن يكون صفة للمنافقين ولبني إسرائيل؛ لأن جميعهم يسمع الكذب بعضهم من بعض ويقبلونه، ولذلك جاءت عبارة سماعهم في صيغة المبالغة، إذ المراد أنهم يقبلون ويستزيدون من ذلك المسموع.
وبيَّن أن قوله تعالى: {لِلْكَذِبِ} يحتمل احتمالين: الأول: أن يريد: سماعون للكذب. الثاني: أن يريد: سماعون منك أقوالك من أجل أن يكونوا عليك وينقلوا حديثك ويزيدوا مع الكلمة أضعافها كذبًا. وأن قوله تعالى: {سَمّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ} يحتمل احتمالين: الأول: أن يريد: يسمعون منهم. الثاني: أن يكون بمعنى: {سَمّاعُونَ لِقَوْمٍ} بمعنى جواسيس مسترقين لكلام لينقلوه لقوم آخرين.
ثم علَّق بقوله: «وهذا مما يمكن أن يتصف به المنافقون ويهود المدينة. وقيل لسفيان بن عيينة: هل جرى للجاسوس ذكر في كتاب الله - عز وجل -، فقال: نعم، وتلا هذه الآية: {سَمّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ}».

<<  <  ج: ص:  >  >>