للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في البلد إلا وجدتهم من أذلِّ الناس، {ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين} (١). (ز)

٢٣٠١٢ - عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- {كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله}، قال: كلَّما أجمعَوا أمرَهم على شيء فرَّقه الله، وأطفَأَ حدَّهم ونارَهم، وقذَف في قلوبهم الرعب (٢). (٥/ ٣٧٨)

٢٣٠١٣ - عن الربيع بن أنس -من طريق أبي جعفر- في قوله: {لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا* فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا* ثم رددنا لكم الكرة عليهم} [الإسراء: ٤ - ٦]، قال: كان الفساد الأول، فبعث الله عليهم عدوًّا، فاستباحوا الديار، واستنكحوا النساء، واستعبدوا الولدان، وخربوا المسجد، فَغَبَروا (٣) زمانًا، ثم بعث الله فيهم نبيا، وعاد أمرهم إلى أحسن ما كان. ثم كان الفساد الثاني بقتلهم الأنبياء، حتى قتلوا يحيى بن زكريا، فبعث الله عليهم بختنصر، قتل مَن قتل منهم، وسبى مَن سبى، وخرَّب المسجد، فكان بختنصر للفساد الثاني. قال: والفساد: المعصية. ثم قال: {فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة} إلى قوله: {وإن عدتم عدنا}. فبعث الله لهم عزيرًا، وقد كان علم التوراة وحفظها في صدره، وكتبها لهم، فقام بها ذلك القرن، ولبثوا فنسوا، ومات عزير، وكانت أحداث، ونسوا العهد، وبخَّلوا ربهم، وقالوا: {يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء}. وقالوا في عزير: إن الله اتخذه ولدًا. وكانوا يعيبون ذلك على النصارى في قولهم في المسيح، فخالفوا ما نهوا عنه، وعملوا بما كانوا يكفرون عليه، فسبق من الله كلمة عند ذلك أنهم لم يظهروا على عدو آخر الدهر، فقال: {كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين}. فبعث الله عليهم المجوس الثلاثة أربابًا، فلم يزالوا كذلك والمجوس على رقابهم وهم يقولون: يا ليتنا أدركنا هذا النبي الذي نجده مكتوبًا عندنا، عسى الله أن يفكنا به من المجوس والعذاب الهون، فبعث محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، واسمه محمد، واسمه في الإنجيل أحمد، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا


(١) تفسير البغوي ٣/ ٧٧.
(٢) أخرجه ابن جرير ٨/ ٥٦١، وابن أبي حاتم ٤/ ١١٦٩ (٦٥٨٨).
(٣) فغَبَروا: أي: بَقَوا ومَكَثوا. النهاية (غبر).

<<  <  ج: ص:  >  >>