ورجَّح ابنُ جرير (٨/ ٦٠٠) جامعًا بينهما، ومستندًا إلى ظاهر القرآن، فقال: «والصواب في ذلك من القول عندنا أن يُقال: إنّ الله -تعالى ذِكْرُه- أخبر عن النَّفَر الذين أثنى عليهم من النصارى بقرب مودتهم لأهل الإيمان بالله ورسوله، أنّ ذلك إنما كان منهم لأنّ منهم أهل اجتهاد في العبادة، وترهبٍ في الديارات والصوامع، وأنّ منهم علماء بكتبهم وأهل تلاوةٍ لها، فهم لا يَبْعُدون من المؤمنين؛ لتواضعهم للحق إذا عرفوه، ولا يستكبرون عن قَبوله إذا تبَيَّنوه؛ لأنهم أهل دينٍ واجتهادٍ فيه، ونصيحةٍ لأنفسهم في ذات الله، وليسوا كاليهود الذين قد دَرِبوا بقتل الأنبياء والرسل، ومعاندة الله في أمره ونهيه، وتحريف تنزيله الذي أنزله في كتبه».