وقد رجَّح ابنُ جرير (٨/ ٦٥٤) مستندًا إلى ظاهر القرآن القولَ بوجوب صومها دون تخصيصٍ لذلك الصوم بتتابع أو تفرق، فقال: «والصواب من القول في ذلك عندنا أن يُقال: إنّ الله تعالى أوجب على مَن لَزِمَتْه كفارةٌ يمينٍ إذا لم يجد إلى تكفيرها بالإطعام أو الكسوة أو العتق سبيلًا: أن يُكَفِّرها بصيام ثلاثة أيام، ولم يَشْرِط في ذلك متتابعة، فكيفما صامهن المُكَفِّر مفرّقة ومتتابعةً أجزأه؛ لأنّ الله تعالى إنما أوجب عليه صيام ثلاثة أيام، فكيفما أتى بصومهن أجزأ». ثم انتقد مستندًا إلى رسم المصحف مَن قال بأن تُصام متتابعة غير متفرقة، فقال: «فأمّا ما روي عن أُبيّ وابن مسعود من قراءتهما: (فَصِيامُ ثَلاثَةِ أيّامٍ مُّتَتابِعاتٍ) فذلك خلاف ما في مصاحفنا، وغير جائزٍ لنا أن نشهد بشيءٍ ليس في مصاحفنا من الكلام أنه من كتاب الله». ثمّ استحسنَ التتابع لعدم الخلاف عليه، فقال: «غير أني أختار للصائم في كفارة اليمين أن يُتابع بيْن الأيام الثلاثة ولا يُفَرِّق، لأنه لا خلاف بيْن الجميع أنه إذا فعل ذلك فقد أجزأ ذلك عنه من كفّارته، وهم في غير ذلك مختلفون، فَفِعْلُ ما لا يُخْتَلَفُ في جوازه أحبُّ إليَّ، وإن كان الآخَر جائزًا».