للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٣٥٠٩ - عن زيد بن أسلم -من طريق القاسم- أنّه قال: قال في سورة النساء [٤٣]: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وأَنْتُمْ سُكارى حَتّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ}، وقال في سورة البقرة [٢١٩]: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الخَمْرِ والمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إثْمٌ كَبِيرٌ ومَنافِعُ لِلنّاسِ وإثْمُهُما أكْبَرُ مِن نَفْعِهِما}، فنُسخت في المائدة، فقال: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّما الخَمْرُ والمَيْسِرُ والأَنْصابُ والأَزْلامُ رِجْسٌ مِن عَمَلِ الشَّيْطانِ فاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (١). (ز)

٢٣٥١٠ - قال مقاتل بن سليمان: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّما الخَمْرُ والمَيْسِرُ}، نزلت في سعد بن أبي وقاص?، وفي رجل من الأنصار يُقال له: عتبان بن مالك الأنصاري، وذلك أنّ الأنصاري صنع طعامًا، وشوى رأس بعيرٍ، ودعا سعد بن أبي وقاص إلى الطعام -وهذا قبل التحريم-، فأكلوا، وشرِبُوا حتى انتشوا، وقالوا الشِّعْر، فقام الأنصاريُّ إلى سعد، فأخذ إحدى لَحْيَيْ البعير فضرب به وجهه، فشَجَّه، فانطلق سعد مستعديًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنزل تحريم الخمر، فقال سبحانه: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّما الخَمْرُ والمَيْسِرُ}، يعني به: القمار كله (٢) [٢١٦٣]. (ز)


[٢١٦٣] اختُلِف في نزول قوله تعالى: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّما الخَمْرُ والمَيْسِرُ والأَنْصابُ والأَزْلامُ رِجْسٌ مِن عَمَلِ الشَّيْطانِ فاجْتَنِبُوه} على أقوال: الأول: أنها نزلت بسببٍ كان من عمر بن الخطاب، وهو أنه ذكر مكروه عاقبة شربها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسأل اللهَ تحريمها. الثاني: أنها نزلت بسبب سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنهما -، وقصته مع الرجل الذي لاحاه على شرابٍ لهما. الثالث: نزلت في قبيلتين من قبائل الأنصار. الرابع: بسبب الميسر حيث كان يؤدي إلى العداوة والبغضاء، لا بسبب السكر الذي يحدث لهم من شرب الخمر.
ورجَّح ابن جرير (٨/ ٦٦٢ - ٦٦٣) جواز جميعها، وعدم القطع بقول منها للعموم، وعدم الدليل على تخصيص بعض دون بعض، فقال: «والصواب من القول في ذلك عندنا أن يُقال: إنّ الله تعالى قد سَمّى هذه الأشياء التي سَمّاها في هذه الآية رِجْسًا، وأمر باجتنابها، وقد اختلف أهل التأويل في السبب الذي مِن أجله نزلت هذه الآية، وجائزٌ أن يكون نزولها كان بسبب دعاء عمر? في أمر الخمر، وجائزٌ أن يكون ذلك كان بسبب ما نال سعدًا من الأنصاريِّ عند انتشائهما من الشَّراب، وجائزٌ أن يكون كان من أجل ما كان يلحق أحدهم عند ذهاب ماله بالقمار مِن عداوةٍ من يَسَرَه وبُغْضِه. وليس عندنا بأيِّ ذلك كان خبرٌ قاطعٌ للعُذْرِ». ثم بيَّن أن الجهل بسبب نزول هذه الآية غير مؤثرٍ في حكمها، فقال: «غير أنه أيُّ ذلك كان فقد لَزِمَ حُكْم الآية جميعَ أهل التكليف، وغيرُ ضائرهم الجهلُ بالسبب الذي له نزلت هذه الآية، فالخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ من عمل الشيطان، فَرْضٌ على جميع من بَلَغَتْه الآية من التكليف اجتنابُ جميع ذلك، كما قال -تعالى ذكره-: {فاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}».

<<  <  ج: ص:  >  >>