العرب، وأما أهل الكتاب والمجوس فأعطوا الجزية، فقال منافقو العرب: عجبًا من محمد، يزعم أنّ الله بعثه ليقاتل الناس كافة حتى يسلموا ولا يقبل الجزية إلا من أهل الكتاب، فلا نراه إلا قبل من مشركي أهل هجر ما رد على مشركي العرب! فأنزل الله تعالى:{عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم}. يعني: مَن ضَلَّ مِن أهل الكتاب (١). (ز)
٢٤٠٨٤ - عن سعيد بن جبير -من طريق أبي بِشْر- أنّه سُئِل عن هذه الآية. فقال: نزَلت في أهل الكتاب، يقول:{يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل} من أهل الكتاب {إذا اهتديتم}(٢). (٥/ ٥٧٣)
٢٤٠٨٥ - عن عمر مولى غُفرةَ -من طريق ابن شعيب- قال: إنّما أُنزِلت هذه الآية لأنّ الرجلَ كان يُسلِمُ ويَكفرُ أبوه، ويُسلِمُ الرجلُ ويَكفرُ أخوه، فلما دخَل قلوبَهم حلاوةُ الإيمان دعَوا آباءَهم وإخوانَهم، فقالوا: حسبُنا ما وجَدنا عليه آباءَنا. فأنزَل الله:{يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم}(٣). (٥/ ٥٧٢)
٢٤٠٨٦ - قال مقاتل بن سليمان:{يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أنْفُسَكُمْ}، وذلك أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يقبل الجزية إلا من أهل الكتاب، فلمّا أسلم العرب طوعًا وكرهًا قَبِل الجزية من مجوس هجر، فطعن المنافقون في ذلك؛ فنزلت:{يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أنْفُسَكُمْ}(٤). (ز)
٢٤٠٨٧ - عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله:{يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم}، قال: كان الرجل إذا أسلم قالوا له: سفَّهْت آباءَك وضلَّلْتهم، وفعلت وفعلت، وجعلت آباءك كذا وكذا، كان ينبغي لك أن تنصرهم وتفعل. فقال الله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم}(٥)[٢١٨٨]. (ز)
[٢١٨٨] انتقد ابنُ عطية (٣/ ٢٨٠) مستندًا إلى القرآن قولَ ابن زيد قائلًا: «ولم يقل أحد -فيما علمتُ-: إنها آية موادعة للكفار. وكذلك لا ينبغي أن يعارض بها شيء مما أمر الله به في غير ما آية، من القيام بالقسط، والأمر بالمعروف».