وقد رجَّح ابنُ جرير (٩/ ٥٤) مستندًا إلى السنة، والدلالة العقلية القول الثالث، فقال: «لأنّ الله -تعالى ذِكْرُه- أمر المؤمنين أن يقوموا بالقسط، ويتعاونوا على البر والتقوى، ومن القيام بالقسط الأخذ على يَدَيِ الظالم، ومن التعاون على البر والتقوى الأمر بالمعروف، وهذا مع ما تظاهرت به الأخبار عن رسول - صلى الله عليه وسلم - من أمره بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ولو كان للناس ترك ذلك لم يكن للأمر به معنًى إلا في الحال التي رخص فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك ذلك، وهي حال العجز عن القيام به بالجوارح الظاهرة، فيكون مرخَّصًا له تركه، إذا قام حينئذٍ بأداء فرض الله عليه في ذلك بقلبه». وذكر ابنُ عطية (٣/ ٢٧٩) حديث أبي أمية الشعباني، ثم رجَّحه مستندًا إلى السنة قائلًا: «وهذا هو التأويل الذي لا نظر لأحد معه؛ لأنه مستوفٍ للصلاح، صادر عن النبي عليه الصلاة والسلام».ونقل ابنُ عطية (٣/ ٢٨٠) عن المهدوي قوله: «وقد قيل: هي منسوخة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر». ثم انتقده قائلًا: «وهذا ضعيف، ولا يعلم قائله».