للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٤١٣٧ - عن عبد الله بن عباس -من طريق علي بن أبي طلحة- قال: {يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم}، هذا لمن مات وعندَه المسلمون، أمَره اللهُ أن يُشهِدَ على وصيَّتِه عدلَين مِن المسلمين (١). (٥/ ٥٧٨)

٢٤١٣٨ - عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قوله: {يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية}، فهذا رجل مات بغربة من الأرض، وترك تَرِكة، وأوصى بوصية، وشهد على وصيته رجلان (٢) [٢١٩٠]. (ز)


[٢١٩٠] اختلف المفسرون في صفة الاثنين المذكورين في قوله: {اثنان ذوا عدل منكم} على قولين: الأول: أنهما شاهدان يشهدان على وصية الموصي. وهو قول قتادة، والسدي. الثاني: أنهما وصيان. وهو قول ابن مسعود.
ورجَّح ابنُ كثير (٥/ ٤٠٣) القول الأول مستندًا إلى أنّه «ظاهر سياق الآية الكريمة»، وقال: «فإن لم يكن وصيٌّ ثالث معهما اجتمع فيهما الوصفان: الوصاية، والشهادة، كما في قصة تميم الداري وعدي بن بدّاء».
ووجَّه ابنُ جرير (٩/ ٥٨) المعنى في كلا القولين، فقال: «وتأويل الذين زعموا أنهما شاهدان قولَه: {شَهادَةُ بَيْنِكُمْ}: ليشهد شاهدان ذوا عدل منكم على وصيتكم. وتأويل الذين قالوا: هما وصيان لا شاهدان قولَه: {شَهادَةُ بَيْنِكُمْ}: بمعنى الحضور والشهود لما يوصيهما به المريض، من قولك: شهدت وصية فلان، بمعنى: حضَرتُه».
واختلف المفسرون كذلك في المراد من الشهادة قوله تعالى: {شهادة بينكم}؛ فمن قائل: إنها الشهادة بالحقوق عند الحكام. ومن قائل: إنها شهادة الحضور للوصية. ومن قائل: إنها بمعنى اليمين.
ورجَّح ابنُ جرير (٩/ ٥٨ - ٥٩) مستندًا إلى الدلالة العقليّة، وظاهر لفظ الآية أنها: بمعنى اليمين، وليست المؤدّاة للحكام. فقال: «لأنا لا نعلم لله تعالى حُكمًا يجب فيه على الشاهد اليمين، فيكون جائزًا صرف الشهادة في هذا الموضع إلى الشهادة التي يقوم بها بعض الناس عند الحكام والأئمة. وفي حكم الآية في هذه اليمين على ذوي العدل وعلى من قام مقامهم باليمين بقوله: {تَحْبِسُونَهُما مِن بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ} أوضحُ الدليل على صحة ما قلنا في ذلك من أنّ الشهادة فيه الأيمان، دون الشهادة التي يُقضى بها للمشهود له على المشهود عليه، وفساد ما خالفه».
وتعقَّب ابنُ كثير (٥/ ٤٠٣) ما استشكله ابنُ جرير بأنه لا يعلم حكمًا يحلف فيه الشاهد، بقوله: «وهذا لا يمنع الحكم الذي تضمنته هذه الآية الكريمة، وهو حكم مُسْتَقِلٌّ بنفسه، لا يلزم أن يكون جاريًا على قياس جميع الأحكام، على أن هذا حكم خاص بشهادة خاصة في محل خاص، وقد اغتفر فيه من الأمور ما لم يغتفر في غيره، فإذا قامت قرائن الريبة حلف هذا الشاهد بمقتضى ما دلت عليه هذه الآية الكريمة».
وانتقد ابنُ عطية (٣/ ٢٨٥) كون الشهادة بمعنى اليمين أو الحضور، بقوله: «وهذا كله ضعيف».
ثم رجَّح أنها التي تؤدى فقال: «والصواب أنها الشهادة التي تحفظ لتؤدّى». ولم يذكر مستندًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>