للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لحِيل بينهم وبينَ الهدى، كما حُلنا بينهم وبينَه أولَ مرة وهم في الدنيا (١). (٦/ ٣٧)

٢٤٧٢٣ - عن عبد الله بن عباس -من طريق الضحاك- قال: كل شيء في القرآن {ولو} فإنّه لا يكون أبدًا (٢). (١/ ٥٣٧)

٢٤٧٢٤ - عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله: {بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل} قال: مِن أعمالِهم، {ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه} يقول: ولو وصَل اللهُ لهم دنيا كدنياهم التي كانوا فيها؛ لعادوا إلى أعمالِهم أعمالِ السَّوءِ التي كانوا نُهوا عنها (٣). (٦/ ٣٧)

٢٤٧٢٥ - عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- في قوله: {بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل}، يقول: بَدَت لهم أعمالُهم في الآخرة التي أخفَوها في الدنيا (٤). (٦/ ٣٧)

٢٤٧٢٦ - قال مقاتل بن سليمان: {بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل}، وذلك أنّهم حين قالوا: {والله ربنا ما كنا مشركين} أوحى الله إلى الجوارح فشهدت عليهم بما كتموا من الشرك، فذلك قوله: {بل بدا لهم} يعني: ظهر لهم من الجوارح {ما كانوا يخفون من قبل} بألسنتهم من قبل أن تنطق الجوارح بالشرك، فتمنَّوا عند ذلك الرجعة إلى الدنيا، {فقالوا: يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ... } إلى آخر الآية. فأخبر الله عنهم، فقال: {ولو ردوا} إلى الدنيا كما تمنوا وعُمِّروا فيها {لعادوا لما} يعني: لرجعوا لما {نهوا عنه} من الشرك والتكذيب، {وإنهم لكاذبون} في قولهم حين قالوا: {ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين} بالقرآن (٥) [٢٢٥٢]. (ز)


[٢٢٥٢] رجَّح ابنُ القيم (١/ ٣٤٥ - ٣٤٦) أنّ المراد: أنّ ما كان يخفيه المشركون فبدا لهم يوم القيامة هو حقيقة ما انطووا عليه من علمهم أنهم على باطل، وأن الرسل على حق.
وانتَقَد (١/ ٣٤٤) مستندًا إلى السياق، والدلالات العقلية، ولغة العرب القولَ بأنّ الذي بدا لهم هو العذاب، وبأنهم كانوا يخفون الشرك في بعض المواطن يوم القيامة فلما وقفوا على النار بدا لهم جزاء ما أخفوه، وهو موافق لقول مقاتل، فقال: «وظنوا أنّ الذي بدا لهم العذاب، فلما لم يروا ذلك ملتئمًا مع قوله: {ما كانوا يخفون من قبل} قدَّروا مضافًا محذوفًا، وهو خبر ما كانوا يخفون من قبل، فدخل عليهم أمرٌ آخر لا جواب لهم عنه، وهو أنّ القوم لم يكونوا يخفون شركهم وكفرهم، بل كانوا يظهرونه ويدعون إليه، ويحاربون عليه، ولَمّا علموا أنّ هذا وارد عليهم، قالوا: إنّ القوم في بعض موارد القيامة ومواطنها أخفوا شركهم وجحدوه، وقالوا: {والله ربنا ما كنا مشركين}. فلما وقفوا على النار بدا لهم جزاء ذلك الذي أخفوه».
وذكر ابنُ عطية (٣/ ٣٤٣) نقلًا عن الزهراوي أنّ هناك من قال بأن الآية في المنافقين؛ لأنهم كانوا يخفون الكفر فبان لهم وباله يوم القيامة. وانتقده مستندًا للسياق بقوله: «وتقلق العبارة على هذا التأويل؛ لأنه قال: {وقفوا} يريد جماعة كفار، ثم قال: {بدا لهم} يريد: المنافقين من هؤلاء الكفار، والكلام لا يعطي هذا إلا على تحامل».
ووجَّهه ابنُ كثير (٦/ ٢٣) بقوله: «ويحتمل أن يكون المراد بهؤلاء المنافقين: الذين كانوا يظهرون للناس الإيمان ويبطنون الكفر، ويكون هذا إخبارًا عما يكون يوم القيامة من كلام طائفة من الكفار، ولا ينافي هذا كون هذه السورة مكية، والنفاق إنما كان من بعض أهل المدينة ومَن حولها من الأعراب، فقد ذكر الله وقوع النفاق في سورة مكية، وهي العنكبوت، فقال: {وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين (١١)}؛ وعلى هذا فيكون إخبارًا عن حال المنافقين في الدار الآخرة، حين يعاينون العذاب يظهر لهم حينئذ غب ما كانوا يبطنون من الكفر والشقاق والنفاق».
وذكر ابنُ عطية (٣/ ٣٤٣ - ٣٤٤) أنّ الزهراوي قال: وقيل: إنّ الكفار كانوا إذا وعظهم النبي - صلى الله عليه وسلم - خافوا، وأخفوا ذلك الخوف؛ لئلا يشعر به أتباعهم، فظهر لهم ذلك يوم القيامة.
ثم قال: «ويصِحُّ أن يكون مقصد الآية الإخبار عن هول ما لقوه والتعظيم لما شقوا به، فعبر عن ذلك بأنهم ظهرت لهم مستوراتهم في الدنيا من معاص وغير ذلك، فكيف الظن -على هذا- بما كانوا يعلنون من كفر ونحوه، وينظر إلى هذا التأويل قوله تعالى في تعظيم شأن يوم القيامة: {يوم تبلى السرائر} [الطارق: ٩]، ويصح أن يقدر الشيء الذي كانوا يخفونه في الدنيا نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - وأقواله، وذلك أنّهم كانوا يخفون ذلك في الدنيا بأن يحقروه عند مَن يرد عليهم ويصفوه بغير صفته ويتلقوا الناس على الطرق، فيقولون لهم: هو ساحر، هو يفرق بين الأقارب. يريدون بذلك إخفاء أمره وإبطاله، فمعنى هذه الآية -على هذا-: بل بدا لهم يوم القيامة أمرك وصدقك وتحذيرك وإخبارك بعقاب مَن كفر الذي كانوا يخفونه في الدنيا، ويكون الإخفاء على ما وصفناه».
ثم نقل عن الزجاج أنّه قال: المعنى: ظهر للذين اتبعوا الغواة ما كان الغواة يخفون من البعث. وعلَّق عليه بقوله: «فالضميران على هذا ليسا لشيء واحد». ثم ذكر أن المهدويَّ حكى عن الحسن نحو هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>