للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الخوض والاستهزاء (١) [٢٣٠١]. (ز)

٢٥٢٠٠ - عن مقاتل بن حيان -من طريق بُكَيْر بن معروف-: ثُمَّ ذكر المؤمنين في قولهم حين قالوا: إنّا نخاف أن نخرج في سكوتنا عنهم، فقال الله تعالى: {وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء} ولا من ذنوبهم ولا من خوضهم، {ولكن ذكرى لعلهم يتقون} وذلك أنّ القوم كان يعجبهم مجالسة أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكانوا إذا خاضوا قام عنهم المسلمون، فكانوا يتقون الخوض كراهية أن يقوم عنهم أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - (٢). (ز)

٢٥٢٠١ - عن عبد الملك ابن جُرَيْج -من طريق حجّاج- قال: كان المشركون يجلسون إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، يُحِبُّون أن يسمعوا منه، فإذا سَمِعوا استهزءوا؛ فنزلت: {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم} الآية. قال: فجعلوا إذا استهزَءُوا قام،


[٢٣٠١] سبق الخلاف في قوله: {فأعرض}، وهل الخطاب للنبي وحده، أم للنبي والمؤمنين. وذكر ابنُ عطية (٣/ ٣٨٥) أنّ قوله: {يتقون} المعني بهم: المؤمنون. وبيَّن أنّ من قال بأنّ الخطاب للنبي والمؤمنين قال بدخول النبي - عليه السلام - في هذا القصد بـ {الَّذِينَ يَتَّقُونَ}، وأنّ المعنى يكون على ما روي أنّ المؤمنين قالوا لَمّا نزلت فلا تقعد معهم قالوا: إذا كنا لا نضرب المشركين، ولا نسمع أقوالهم؛ فما يمكننا طواف، ولا قضاء عبادة في الحرم. فنزلت لذلك: {وما عَلى الَّذِينَ يَتَّقُونَ}. ثم علَّق (٣/ ٣٨٦) بقوله: «فالإباحة في هذا هي في القَدْر الذي يُحتاج إليه مِن التصرف بين المشركين في عبادة ونحوها».
ثم ذكر أيضًا أنّ بعض مَن قالوا بهذا القول ذهبوا إلى أن هذه الآية الأخيرة ليست إباحة بوجه، وإنما معناها: لا تقعدوا ولا تقربوهم حتى تسمعوا استهزاءهم وخوضهم، وليس نهيكم عن القعود لأنّ عليكم شيئًا من حسابهم، وإنما هو ذكرى لكم. وأنّ المعنى يحتمل أن يكون لهم: لعلهم إذا جانبتموهم يتقون بالإمساك عن الاستهزاء.
ثم ذكر أنّ مَن قال بالقول الأول فإنه قال في هذه الآية الثانية إنها مختصة بالمؤمنين، ومعناها الإباحة، فكأنه قال: فلا تقعد معهم يا محمد، وأما المؤمنون فلا شيء عليهم من حسابهم، فإن قعدوا فليذكروهم، لعلهم يتقون الله في ترك ما هم فيه. وانتقده بقوله: «وفيه عندي نظر».

<<  <  ج: ص:  >  >>