وقد رجَّح ابنُ جرير (٩/ ٣٩٠) مستندًا إلى السياق القول الثالث، وقال معلِّلًا: «وذلك أنّ الخبر في الآيات قبلها عنهم مضى، وفي التي بعدها عنهم ذُكِر، فما بينها بأن يكون خبرًا عنهم أوْلى وأحقُّ من أن يكون خبرًا عن غيرهم». واختار ابنُ القيم (١/ ٣٥٤ - ٣٥٥) الجمع بين هذه الأقوال كلها عدا القول بكون القوم الموكلين بها هم الملائكة، مستندًا إلى زمن النزول، فقال: «السورة مكية، والإشارة بقوله: {هَؤُلاءِ} إلى مَن كفر به من قومه أصلًا، ومَن عداهم تبعًا، فيدخل فيها كلُّ مَن كفر بما جاء به من هذه الأمة، والقوم الموكَّلون بها هم الأنبياء أصلًا، والمؤمنون بهم تبعًا، فيدخل كل مَن قام بحفظها، والذبِّ عنها، والدعوة إليها، وهذا ينتظم في الأقوال التي قيلت في الآية». وانتقد مستندًا إلى السياق، ونظائر القرآن قولَ من قال: إنهم الملائكة، فقال: «وأما قول من قال: إنهم الملائكة، فضعيف جدًّا لا يدل عليه السياق، وتأباه لفظة {قَوْمًا}؛ إذ الغالب في القرآن، بل المطرد تخصيص القوم ببني آدم دون الملائكة، وأما قول إبراهيم لهم: {قَوْمٌ مُنْكَرُونَ} [الذاريات: ٢٥] فإنّما قاله لَمّا ظنهم من الإنس».