للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال البيهقي: ". . . وأما النوع الثاني من الأخبار، فهي أحاديث اتفق أهل العلم بالحديث على ضعف مخرجها، وهذا النوع على ضربين:

ضرب رواه من كان معروفًا بوضع الحديث والكذب فيه، فهذا الضرب لا يكون مستعملًا في شيء من أمور الدين إلا على وجه التليين. . . " (١).

ومن أبرز المفسرين المتهمين بالكذبِ الكَلْبِيُّ، وقد صرح هو نفسه بذلك فقال: "ما حدثتُ عن أبي صالح عن ابن عباس فهو كذب فلا ترووه" (٢)، ولهذا سئل أحمد عن تفسير الكلبي؛ فقال: "كذب. قيل: يحل النظر فيه؟ قال: لا" (٣).

وقد نصَّ الطبري على أن رواية الكلبي لا يجوز الاحتجاج بها، فقال في حديثه عن الأحرف السبعة: "فإن قال لنا قائل: فهل لك من علم بالألسن السبعة التي نزل بها القرآن؟ وأي الألسن هي من ألسن العرب؟

قلنا: أما الألسن السبعة (٤) التي قد نزلت القراءة بها فلا حاجة بنا إلى معرفتها، لأنا لو عرفناها لم نقرأ اليوم بها، مع الأسباب التي قدمنا ذكرها.

وقد قيل: إن خمسة منها لعجز هوازن، واثنين منها لقريش وخزاعة.

روي جميع ذلك عن ابن عباس؛ وليست الرواية عنه من رواية من يجوز الاحتجاج بنقله، وذلك أن الذي روى عنه: أن خمسة منها من لسان العجز من هوازن الكلبي عن أبي صالح، وأن الذي روى عنه: أن اللسانين الآخرين لسان قريش وخزاعة قتادة، وقتادة لم يلقه، ولم يسمع منه" (٥).

فقد نصَّ الطبري على كون الكلبي غير محتج بروايته، ورغم كون تفسير الكلبي أطول التفاسير (٦)، وتعرض الكلبي بالتفسير والرواية لمعظم آيات القرآن، إلا أن الطبري لم يورد له إلا مواضع قليلة جدًّا في تفسيره، وكان أغلبها من رأي الكلبي لا


(١) دلائل النبوة ومعرفة صاحب أحوال الشريعة ١/ ٣٣.
(٢) تهذيب التهذيب ٤/ ١١٧.
(٣) المجروحين من المحدثين لابن حبان ٢/ ٢٦٣، ت: حمدي السلفي.
(٤) وقع في المطبوع: "الألسن الستة"، وهو هكذا في تفسير الطبري، تحقيق: شاكر ١/ ٦٦، ولعل الصواب: "الألسن السبعة" -كما ذكرت- فالسؤال الذي أورده الطبري وجوابه عنه صريح في أنها سبعة. واللَّه أعلم.
(٥) تفسير الطبري ١/ ٢٩.
(٦) قال ابن عدي: "وهو رجل معروف بالتفسير، وليس لأحد تفسير أطول ولا أشبع منه". الكامل ٧/ ٢٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>