وقد رجَّح ابنُ جرير (٩/ ٤٤٢) الجمعَ بين كل تلك الأقوال مستندًا إلى عموم اللفظ، فقال: «ولا شكَّ أنّ مِن بني آدم مستقرًّا في الرحم، ومستودَعًا في الصلب، ومنهم مَن هو مستقرٌّ على ظهر الأرض أو بطنها، ومستودَعٌ في أصلاب الرجال، ومنهم مستقرٌّ في القبر، مستودَعٌ على ظهر الأرض، فكلُّ مستقَرٍّ أو مستودَعٍ بمعنًى من هذه المعاني فداخلٌ في عموم قوله: {فَمُسْتَقَرٌّ ومُسْتَوْدَعٌ}، ومرادٌ به». وانتقد ابنُ عطية (٣/ ٤٢٧) الأقوال السابقة، ورجَّح مستندًا إلى دلالة العقل، ودلالة الواقع أن «الذي يقتضيه النظر أنّ ابن آدم هو مستودع في ظهر أبيه، وليس بمستقر فيه استقرارًا مطلقًا لأنه ينتقل لا محالة: ينتقل إلى الرحم، ثم ينتقل إلى الدنيا، ثم ينتقل إلى القبر، ثم ينتقل إلى المحشر، ثم ينتقل إلى الجنة أو النار، فيستقرُّ في إحداهما استقرارًا مطلقًا، وليس فيها مستودع لأنّه لا نقلة له بعد». غير أنه ذكر توجيهًا للأقوال الواردة في معنى «المستقر والمستودع»، فقال: «وهو في كل رتبة متوسطة بين هذين الطرفين مستقرٌّ بالإضافة إلى التي قبلها، ومستودع بالإضافة إلى التي بعدها؛ لأنّ لفظ الوديعة يقتضي فيها نقلة ولا بُدَّ». ورجَّح ابنُ كثير (٦/ ١١٨) قولَ من قال: إنّ المستقَر في الأرحام، والمستودَع في الأصلاب. ولم يذكر مستندًا.